وقد روى الثعلبىّ فى ذلك بسند [سعيد بن «١» ] مطر عن الحسن قال: إن داود- عليه السلام- جزّأ الدهر أربعة أجزاء: يوما لنسائه، ويوما للعبادة، ويوما للقضاء بين الناس «٢» ، ويوما لبنى إسرائيل يذاكرهم ويذاكرونه، ويبكيهم ويبكونه.
فلمّا كان يوم بنى إسرائيل ذكروا فقالوا: هل يأتى على الإنسان يوم لا يصيب فيه ذنبا؟ فأضمر داود فى نفسه أنه سيطيق ذلك. فلمّا كان يوم عبادته غلّق أبوابه، وأمر ألّا يدخل عليه أحد، وأكبّ على قراءة الزّبور؛ فبينما هو يقرأ إذا حمامة من ذهب فيها من كل لون حسن وقد وقعت بين يديه، فأهوى إليها ليأخذها، فطارت فوقعت غير بعيد، ولم تؤيسه من نفسها، فما زال يتبعها حتى أشرف على أمرأة تغتسل، فأعجبه خلقها؛ فلمّا رأت ظلّه فى الأرض جللّت نفسها بشعرها، فزاده ذلك إعجابا بها؛ وكان قد بعث زوجها على بعض جيوشه، فكتب إليه: أن سر إلى مكان كذا وكذا- مكان إذا سار إليه قتل ولم يرجع- ففعل، فأصيب.
فخطبها داود وتزوّجها.
وقال بعضهم فى سبب ذلك ما رواه أبو إسحاق بسنده عن قتادة عن الحسن قال: قال داود- عليه السلام- لبنى إسرائيل حين ملك: والله لأعدلنّ بينكم.
ولم يستثن؛ فابتلى.
وقال أبو بكر الورّاق: كان سبب ذلك أن داود عليه السلام كان كثير العبادة، فأعجب بعمله وقال: هل فى الأرض أحد يعمل عملى؟ فأتاه جبريل عليه السلام فقال: إن الله عزّ وجلّ يقول: أعجبت بعبادتك والعجب