يأكل العبادة، فإن أعجبت ثانيا وكلتك إلى نفسك. فقال: يا ربّ كلنى إلى نفسى سنة. قال: إنها لكثيرة. قال: شهرا. قال: إنه لكثير. قال:
فأسبوعا. قال: إنه لكثير. قال: فيوما. قال: إنه لكثير. قال: فساعة.
قال: فشأنك بها. فوكّل الأحراس ولبس الصوف ودخل المحرب ووضع الزبور بين يديه، فبينما هو فى نسكه وعبادته إذ وقع الطائر بين يديه؛ وكان من أمر المرأة ما كان.
قالوا: فلمّا دخل داود عليه السلام بامرأة أوريّا لم يلبث إلا يسيرا حتى بعث الله عز وجل ملكين فى صورة إنسيّين، يطلبان أن يدخلا عليه، فوجداه فى يوم عبادته، فمنعهما الحرس أن يدخلا عليه؛ فتسوّرا المحراب عليه، فما شعر وهو يصلّى إلّا وهما بين يديه جالسان، فذلك قوله تعالى: وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ* إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ «١»
أى تجر وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ «٢»
أى وسط الطريق إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ
كنى بالنّعاج عن النساء؛ والعرب تفعل ذلك. فَقالَ أَكْفِلْنِيها
. قال ابن عبّاس: أعطنيها. وقال ابن جبير عنه: تحوّل لى عنها. وقال أبو العالية: ضمّها إلىّ حتى أكفلها. وقال ابن كيسان: إجعلها كفلى، أى نصيبى. وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ «٣»
، أى غلبنى. وقرأ عبيد بن عمير: وعازّنى، من المعازّاة، وهى المغالبة.