خرجت منهما إلى البحر، فيتعذّر عليهم صيدها فيه إلّا بمشقّة؛ فذلك قوله تعالى:
إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ «١»
. فجعل فسّاق أهل «أيلة» يقول بعضهم لبعض: إنما حرّم الله تعالى الاصطياد على آبائنا وأجدادنا لا علينا، ونحن لا ذنب لنا، وهذه الحيتان تكثر يوم السبت وليلته، فمن المحال تركها؛ فاصطادوها وطبخوها وشووا منها، فشمّ المؤمنون راحتها فى يوم السبت، فخرجوا إلى الفسّاق ووعظوهم وحذّروهم، فلم يكترثوا لذلك ولم ينتهوا عنه، فاجتمع المؤمنون على أبواب القرية بالسلاح ومنعوهم من دخولها، فاشتدّ ذلك على الفسّاق وشقّ عليهم أن يمتنعوا من الاصطياد فى يوم السبت لكثرة الحيتان فيه دون غيره من الأيام، فقالوا: إن هذه [القرية «٢» ] مشتركة بيننا [وبينكم «٣» ] ولا يحلّ لكم أن تمنعونا منها، فإمّا أن تصبروا على أفعالنا أو تقاسمونا القرية فننفرد عنكم. فتراضوا على ذلك وقاسموهم القرية، وبنوا بينهم حيطانا عالية وبابا يدخلون منه غير بابهم، وانفردت كلّ طائفة، واشتغل الفسّاق باللهو واللعب والاصطياد، وحفروا أنهارا صغارا من البحر إلى أبواب دورهم، فكانت الحيتان تأتيها فى يوم السبت، فإذا غربت الشمس همّت الحيتان بالرجوع إلى البحر، فيسدّون أفواه تلك الأنهار مما يلى البحر، ويصيدون تلك الحيتان. هذا والمؤمنون يخوّفونهم عذاب الله فلا يرجعون. فلمّا طال ذلك وتكرّر منهم قال بعض المؤمنين لبعض: إلى كم ننصح هؤلاء ولا يزيدون إلا تماديا وعتوّا! قال الله تعالى: