قال: واستغنى الفسّاق وكثرت أموالهم، واشتروا الضّياع وانهمكوا على الفسق.
فبلغ ذلك داود- عليه السلام- فلعنهم ودعا عليهم. فبينما هم فى منازلهم فى شرّ ما هم فيه إذ زلزلت قريتهم زلزلة عظيمة، ففزع المؤمنون وخرجوا من بيوتهم؛ قال الله تعالى: فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ «١»
«٢» فالذين لعنوا على لسان داود هم هؤلاء الذين اعتدوا فى السبت، والذين لعنوا على لسان عيسى الذين سألوه نزول المائدة، فلمّا نزلت عليهم كفروا.
قال: فمسخ الله هؤلاء الذين اعتدوا فى السبت قردة، ومسخ أصحاب المائدة خنازير- وسنذكر إن شاء الله خبر أصحاب المائدة فى موضعه من أخبار عيسى عليه السلام- قال: فكان أحدهم يأتى حميمه من المؤمنين وعيناه تدرفان دمعا فيقول له: أنت فلان؟ فيشير برأسه، أى نعم. فيقول لهم المؤمنون: قد أنذرناكم عذاب ربكم وعقوبته فلم تتّعظوا، فنزل بكم ما نزل.
قال الثعلبىّ قال قتادة: صارت الشّبّان قردة، والشيوخ خنازير، فما نجا إلّا الذين نهوا وهلك سائرهم. قال: ثم برز الممسوخون من المدينة وهاموا على وجوههم متحيّرين، فمكثوا ثلاثة أيام ثم هلكوا، وكذلك لم يلبث مسخ فوق ثلاثة أيام، ولم يتوالدوا ولم يتناسلوا؛ بم بعث الله تعالى عليهم ريحا ومطرا فقذفهم فى البحر، فإذا كان يوم القيامة أعادهم الله إلى صورهم الأولى البشرية، فيدخلهم النار.