ومعاشه فيخبره، وكان بين يديه سبعة ألوية من ألوية الأنبياء، يمسكها سبعة من الملائكة.
قال: ولما حشرت الطير له جاءته فوجا فوجا؛ فسلّمت عليه «الخطّافة» بثلاث «١» لغات وقالت: يا نبىّ الله، أنا ممن اختارنى نوح وحملنى فى السفينة، ومنّى تناسل كلّ خطّافة فى الدنيا، ودعا لى آدم وقال: إنك تدركين من أولادى من خلافته مثل خلافتى، تحشر إليه الوحوش والطيور والمردة، فإذا رأيته فأقرئيه منّى السلام. وقالت له: يا نبىّ الله، إن معى سورة تعجب الملائكة من نورها، ما أعطيت لأحد من بنى آدم غير أبيك إبراهيم، فإنها نزلت كرامة له يوم ألقى فى النار، فهل لك أن تسمعها منّى؟ قال نعم. فقرأت سورة الْحَمْدُ
حتى بلغت وَلَا الضَّالِّينَ
ومدّت صوتها بآمين وسجدت، وسجد معها سليمان عليه السلام.
ثم تقدّم «النّسر» وهو يومئذ فى صورة عظيمة فقال: السلام عليك يا ملك الدنيا، ما رأيت ملكا أعظم من ملكك، وإنى صحبت آدم وساعدته على كثرة حزنه، وأنا أوّل من علم بهبوطه إلى الأرض، وكنت معه إلى أن تاب الله عليه وقال: إنه يكون من ذرّيتى من يحشر له الطير، فإذا رأيته فأقرئه منىّ السلام؛ وقد أدّيت إليك وديعته، فاصطنعنى يا نبىّ الله، فإنى عليم بمعادن «٢» الأرض وجبالها، ومعى آية عظيمة لا يفتر لسانى عنها، وهى: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ «٣»
. ثم سجد وسجد معه سليمان؛ فلمّا رفع رأسه جعله سليمان ملكا على سائر الطيور.