ثم تقدّمت «العقاب «١» » فوقفت بين يديه وسلّمت عليه وقالت: يا نبىّ الله، إن الله حين خلقنى كنت أعظم خلقا من هذا، غير أن حزنى على هابيل يوم قتله قابيل صيّرنى الى ما ترى، ولقد توحّشت الأرض والجبال يوم قتل. ومعى آية أعطانيها ربى، وهى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ «٢» فَصَلَّى
. ثم قالت: سلّطنى على من شئت، فإنى قوية سميعة.
ثم تقدّمت «العنقاء» وهى يومئذ شديدة البياض، وصدرها كالذهب الأحمر، ووجهها كوجه الإنسان، ولها ذوائب كذوائب النساء، ورجلان صفراوان، ولها تحت أجنحتها يدان، فى كل يد ثلاثون إصبعا، فوقفت بين يديه وسلّمت وقالت: إن الله فضّلك على كثير من الملوك حين أبرزنى اليك فى صورتى هذه، فمرنى بما شئت، فو الله ما نطقت لأحد إلا لصفوة الله آدم، فإنى وقفت بين يديه وتعجّب من حسن صورتى، وقال: ما أشبهك بطيور الجنان! فمنذكم خلقك ربك؟ قلت: منذ ألفى عام. ثم تبخترت بين يديه فقال: أيها الطائر، إنك معجب بخلقك، والعجب يهلك صاحبه، لقد فاز المفلحون وخسر المبطلون.
وللعنقاء خبر عجيب نذكره- إن شاء الله- فى آخر خبر الطير على ما تقف عليه إن شاء الله تعالى.
ثم تقدّم «الغراب» فسلّم وقال: يا نبىّ الله، لقد فضّلك الله على كثير من ولد آدم، وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما، وإنى كنت أبيض