للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قبل ذلك، فصرت كما ترى، لمّا سمعتهم يقولون: اتخذ الرحمن ولدا.

وما ينبغى للرحمن أن يتخذ ولدا. ولقد دعا لى أبوك آدم ونوح بطول العمر؛ وسمعت أباك إبراهيم يتلو آية يخضع لها كل شىء، وهى: كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ «١» .

ثم تقدّمت «الحمامة» فسلّمت عليه وقالت: يا نبىّ الله، أنا الحمامة التى اختارنى أبوك آدم لنفسه إلفا وأنيسا، وكنت آنس به وبتسبيحه؛ وكان اذا ذكر الجنة يصيح صيحة عظيمة ويقول: أترانى أرجع إليها؟ وإن لم أرجع إليها كنت من الخاسرين. واعلم يا نبىّ الله أنه قد علّمنى كلمات حفظتها عنه، وهى: الله لا إله إلا هو وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله سيد الأوّلين والآخرين.

وقد أقبلت إليك طائعة لأمرك، فمرنى بما شئت.

ثم تقدّم «الهدهد» فسلّم عليه وسجد بين يديه وقال: ما أحببت أحدا كما أحببتك، لأنى رأيت الدنيا ضاحكة لك، وقد أعطاك الله ملكا عظيما، فاتخذنى رسولا آتك بالأخبار، وأدلك على مواضع الماء. فقال له: أراك أكيس الطيور، وأرى فخاخ بنى إسرائيل تصطادك، ولا تغنى عنك كياستك شيئا. قال الهدهد:

يا نبىّ الله، الحيلة لا تنفع مع القضاء والقدر، وإن الله يضيف إلى عقل المخلوق سبعين ضعفا ثم ينفّذ فيه حكمه وقضاءه. قال: صدقت. ثم سجد بين يديه مرارا.

ثم تقدّم إليه «الديك» وهو آخر من تقدّم، فوقف بين يديه وهو فى نهاية الحسن، وضرب بجناحيه، وصاح صيحة أسمع الملائكة والطيور وجميع من حضر