قال: نعم إذا شئت. قال: أنت أكرم على الله تعالى من ذلك، ولكن تبنى حوله جدارا ثم تملؤه ذهبا وإن شئت ورقا. قال داود: هو هيّن. فآلتفت الرجل إلى بنى إسرائيل وقال: هذا هو التائب والمخلص. ثم قال لداود: لأن يغفر الله تعالى لى ذنبا واحدا أحبّ إلىّ من كل ما وهبت لى، ولكن كنت أختبركم. فأخذوا فى بناء بيت المقدس، وذلك فيما قيل لإحدى عشرة سنة مضت من خلافة داود.
وكان داود ينقل لهم الحجارة على عاتقه، وكذلك خيار «١» بنى إسرائيل حتى رفعوه قامة.
فأوحى الله تعالى إليه: إن هذا بيت مقدّس، وأنت سفّاك للدماء، ولست بانيه، ولكن ابن لك أملّكه بعدك اسمه سليمان أسلّمه من سفك الدماء وأقضى إتمامه على يديه ويكون له صيته وذكره.
قال: فصلّوا فيه زمانا إلى أن توفّى الله نبيّه داود واستخلف سليمان وأمره بإتمام بناء بيت المقدس. فجمع سليمان الإنس والجنّ والشياطين وقسم عليهم الأعمال، فخصّ كلّ طائفة منهم بعمل، فأرسل الجن والشياطين فى تحصيل الرّخام والمها «٢» الأبيض الصافى من معادنه؛ وأمر ببناء المدينة بالرّخام والصّفّاح، وجعلها اثنى عشر ربضا «٣» ، وأنزل كلّ ربض منها سبطا من الأسباط. فلمّا فرغ من المدينة ابتدأ فى بناء المسجد، فوجه الشياطين فرقا، فريقا منهم يستخرجون الذهب والفضّة من معادنها، وفريقا يغوصون فى البحر ويستخرجون أنواع الدّرّ ويقلعون الجواهر والحجارة من أماكنها، وفريقا يأتونه بالمسك والعنبر وسائر أنواع الطيّب من أماكنها؛ فأتى من ذلك بشىء لا يحصيه إلا الله تعالى. ثم أحضر الصّنّاع