وقال الثعلبىّ: إنه كان مما بعثته خمسمائة لبنة من ذهب، وخمسمائة لبنة من فضة. قال: فلمّا دنا القوم من الميدان ونظروا الى ملك سليمان ورأوا الدوابّ تروث على لبن الذهب والفضة رموا ما معهم من الهدايا. قال: وفى بعض الروايات أنّ سليمان لمّا أمر بفراش الميدان بلبن الذّهب والفضّة أمرهم أن يتركوا على طريقهم موضعا على قدر اللّبنات التى معهم. فلمّا رأت الرسل موضع اللّبنات خاليا وكل الأرض مفروشة خافوا أن يتّهموا بذلك، وطرحوا ما معهم فى ذلك المكان.
قال: ثم مرّوا على الشياطين، فلمّا نظروا إليهم فزعوا. فقيل لهم: جوزوا فلا بأس عليكم. وكانوا يمرّون على كردوس «١» كردوس من الجنّ والإنس والطير والسباع والوحش حتى وقفوا بين يدى سليمان عليه السلام.
قال الكسائىّ: فقدّم الكتاب إلى سليمان، فأخبر سليمان الرسول بما فيه قبل فتحه وقراءته، وميّز الوصفاء من الوصائف، وأمر دودة فثقبت الدّرّة وأدخلت الخيط فى الجزع، وأمر أن تساق الخيل حتى تعرق وتملأ القارورة من عرقها، وأقبل على وزير بلقيس وقال: ارجع إلى صاحبتك بما جئت به من الهديّة وقل لها: «أتمدّوننى بمال فما آتانى الله خير ممّا آتاكم بل أنتم بهديّتكم تفرحون.
ارجع إليهم فلنأتينّهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنّهم منها أذلّة وهم صاغرون» .
قال: فعاد الوزير إليها بما جاء به من الهديّة وأخبرها بما كان من أمر سليمان.
فقالت لقومها: هل علمتم الان أنّ رأيى كان أصوب من رأيكم فى ترك المحاربة؟
ومن أين لنا طاقة بحرب نبىّ!! ثم جمعت أموالها وكنوزها واستصحبت ذلك معها