إلّا عرشها فإنّها تركته بقصرها وأغلقت عليه سبعة أبواب وسارت إلى سليمان ومعها ملوك اليمن وأكابرها وساداتها، فبلغ ذلك سليمان.
قال أبو إسحاق الثعلبىّ رحمه الله تعالى: شخصت بلقيس إلى سليمان عليه السلام فى اثنى عشر ألف قيل من ملوك اليمن، تحت يد كل قيل منهم مائة ألف. قال ابن عبّاس رضى الله عنهما: وكان سليمان رجلا مهيبا، لا يبتدأ بشىء حتى يكون هو الذى يسأل عنه. فخرج يوما فجلس على سرير ملكه فرأى رهجا «١» قريبا منه، فقال: ما هذا؟ قالوا: بلقيس. قال: وقد نزلت منّا بهذا المكان؟ قالوا نعم. قال ابن عبّاس رضى الله عنهما: كما بين الكوفة والحيرة قدر فرسخ.
قال: فأقبل حينئذ سليمان على جنوده فقال: «يأيها الملأ أيّكم يأتينى بعرشها قبل أن يأتونى مسلمين. قال عفريت من الجنّ أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإنّى عليه لقوىّ أمين» قال: أريد أسرع من ذلك. «قال الّذى عنده علم من الكتاب- وهو آصف بن برخيا- أنا آتيك به قبل أن يرتدّ إليك طرفك» . قال:
وكان عنده اسم الله الأعظم. «فلمّا رآه مستقرّا عنده قال هذا من فضل ربّى ليبلونى أأشكرأم أكفر ومن شكر فإنّما يشكر لنفسه ومن كفر فإنّ ربّى غنىّ كريم» . ثم قال سليمان:«نكّروا لها عرشها ننظر أتهتدى أم تكون من الذين لا يهتدون» . فأقبل عفريت من الجنّ وقال: يا نبىّ الله، إنّ رجليها كحافر حمار. قال له سليمان: إن كان ذلك كما قلت وإلا عاقبتك. قال: يا نبىّ الله، أريد أن أتّخذ لك صرحا «٢» من قوارير، وأجرى فيه ماء، وأنزل فيه الحيتان والسمك، فلا يشكّ من رآه أنه