للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بختنصّر، فجعلوهم فى الجوامع «١» ثم أتوا بهم ملك بنى إسرائيل، فلما رآهم خرّ ساجدا لله تعالى من حين طلعت الشمس إلى العصر، ثم قال لسنحاريب: كيف ترى فعل ربّنا؟ ألم يقتلكم بحوله وقوّته ونحن وأنتم غافلون؟! فقال سنحاريب: قد أتانى خبر ربّكم ونصره إيّاكم، ورحمته التى رحمكم بها قبل أن أخرج من بلادى، فلم أطع مرشدا ولم يلقنى فى الشّقوة إلّا قلّة عقلى، ولو سمعت أو عقلت ما غزوتكم، ولكن الشقوة غلبت علىّ وعلى من معى. فقال صديقة: الحمد لله رب العزّة الذى كفاناكم بما شاء. إنّ ربّنا لم يبقك ومن معك لكرامة لك عليه، ولكنّه إنما أبقاك ومن معك لتزدادوا شقوة فى الدنيا وعذابا فى الآخرة، ولتخبروا من وراءكم بما رأيتم من فعل ربنا. ولدمك ودم من معك أهون على الله تعالى من دم قرادة لو قتلت.

ثم أمر صديقة أمير جيشه أن يقذف فى رقابهم الجوامع، فطاف بهم سبعين يوما حول بيت المقدس وإيليا «٢» ، وكان يرزقهم فى كل يوم خبزتين من شعير لكل رجل.

فقال سنحاريب لملك بنى إسرائيل: القتل خير مما تفعل بنا، فافعل ما أمرت. فأمر بهم الملك الى سجن القتل، فأوحى الله تعالى إلى شعيا: أن قل لملك بنى إسرائيل: يرسل سنحاريب ومن معه لينذروا من وراءهم، وأن يكرمهم ويحملهم حتى يبلغوا بلادهم.

فبلّغ شعيا الملك ذلك، ففعل ما أمر به، وخرج سنحاريب ومن معه حتى قدموا بابل «٣» .