من البيت، فكلّمه ثم أعطاه ثلاثة دراهم وقال: اشتر بهذه طعاما وشرابا، فاشترى بدرهم لحما، وبدرهم خبزا، وبدرهم خمرا؛ فأكلوا وشربوا، حتى إذا كان اليوم الثانى فعل به كذلك؛ وفى اليوم الثالث كذلك. ثم قال: إنى أحبّ أن تكتب لى أمانا إن أنت ملّكت يوما من الدهر. قال: تسخّر منّى؟ قال: إنى لا أسخر منك، ولكن ما عليك أن تتّخذها عندى يدا! فكلّمته أمّه فقالت: ما عليك إن كان، وإلّا لم ينقصك شيئا، فكتب له أمانا. فقال له: أرأيت إن جئت والناس حولك قد حالوا بينى وبينك فاجعل لى آية تعرفنى بها. قال: ترفع صحيفتك على قصبة فأعرفك بها، فكساه وأعطاه. ثم إنّ ملك بنى إسرائيل كان يكرم يحيى بن زكريا عليهما السلام ويدنى مجلسه ويستشيره فى أمره ولا يقطع أمرا دونه، وإنه هوى أن يتزوّج بنت امرأته.
- قال وقيل: كانت بنت أخيه، قال الثعلبىّ: وهو الأصحّ «١» إن شاء الله- فسأله عن ذلك، فنهاه عن نكاحها وقال: لن أرضاها لك. فبلغ ذلك أمّها فحقدت على يحيى عليه السلام حين نهاه أن يتزوّج بنتها، فعمدت أمّ الجارية حين جلس الملك على شرابه فألبستها ثيابا رقاقا حمراء وطيبّتها وألبستها من الحلىّ، وألبستها فوق ذلك كساء أسود وأرسلتها الى الملك، وأمرتها أن تسقيه وأن تتعرّض إليه، فإن أرادها على نفسها أبت عليه حتى يعطيها ما سألته، فإذا أعطاها ذلك سألته أن يؤتى برأس يحيى بن زكريا فى طست، ففعلت. فلمّا أخذ منه الشراب أرادها على نفسها، فقالت: لا أفعل حتى تعطينى ما أسألك. قال: ما تسألينى؟ قالت: أسألك