وأما الشجرة التى رأيت والطير التى عليها والسّباع والدوابّ التى تحتها وما أمر بقطعها، فيذهب ملكك ويردّك الله طائرا تكون نسرا ملك الطير، ثم يردّك الله ثورا ملك الدوّاب، ثم يردّك الله أسدا ملك السباع والوحش سبع سنين، وفى كل ذلك قلبك قلب إنسان، حتى تعلم أنّ الله له ملك السموات والأرض، يقدر على الأرض ومن عليها، وكما رأيت أصلها قائما فإن ملكك قائم.
قال: فمسخ بختنصّر نسرا فى الطيور، وثورا فى الدوّاب، وأسدا فى السباع، فكان مسخه كله سبع سنين، ثم ردّ الله تعالى إليه ملكه، فآمن ودعا الناس إلى الله تعالى.
قال: وسئل وهب بن منبّه: أكان بختنصّر مؤمنا؟ فقال: وجدت أهل الكتاب قد اختلفوا فيه، فمنهم من قال: مات مؤمنا، ومنهم من قال: مات كافرا؛ لأنه حرّق بيت المقدس وكتب الله وقتل الأنبياء، فغضب الله تعالى عليه ولم يقبل توبته.
قالوا: فلمّا عبّر دانيال لبختنصّر رؤياه أكرمه وصحبه واستشاره فى أموره وقرّبه منه حتى كان أكرم الناس عليه وأحبّهم إليه، فحسده المجوس على ذلك ووشوا به وبأصحابه الى بختنصّر فقالوا: إنّ دانيال وأصحابه لا يعبدون إلهك، ولا يأكلون ذبيحتك. فدعاهم وسألهم فقالوا: إنّ لنا ربّا نعبده ولسنا نأكل من ذبائحكم.
فأمر بختنصّر بأخدود، فخدّ لهم وألقوا فيه، وهم ستّة، وألقى معهم سبع ضار ليأكلهم، ثم قالوا: انطلقوا لنأكل ونشرب، فأكلوا وشربوا، ثم راحوا فوجدوهم جلوسا والسبع مفترش ذراعيه بينهم ولم يخدش منهم أحدا ولم ينكأهم «١» بشىء، ووجدوا معهم رجلا فعدوّهم فوجدوهم سبعة، فقالوا: ما بال هذا السابع وإنما