ويعزّهم، فلمّا فعلوا ما فعلوا أهلكهم الله تعالى وسلّط عليهم غيرهم. قال: فأخبرونى ما الذى يطلع بى الى السماء العليا لعلّى أطّلع إليها وأقتل من فيها وأتّخذها ملكا فإنى قد فرغت من الأرض ومن فيها؟ قالوا: ما يقدر على هذا أحد من الخلائق. قال:
لتفعلنّ أو لأقتلّنكم عن آخركم. فبكوا وتضرّعوا إلى الله تعالى، فبعث الله عز وجل عليه بقدرته ليريه ضعفه وهوانه بعوضة فدخلت فى منخره ثم ساخت فيه حتى عضّت بأمّ دماغه فما يقرّ ولا يسكن حتى يوجأ «١» له رأسه على أمّ دماغه. فلمّا عرف أنه الموت قال لخاصّته من أهله: اذا متّ فشقّوا رأسى فانظروا ما هذا الذى قتلنى. فلمّا مات شقّوا رأسه فوجدوا البعوضة عاضّة بأمّ دماغه ليرى الله تعالى عباده قدرته وسلطانه، ونجّى الله تعالى من بقى فى يديه من بنى إسرائيل وردّهم إلى إيليا والشام، فبنوا فيه وربوا وكثروا حتى كانوا كأحسن ما كانوا عليه. قال:
فيزعمون أنّ الله تعالى أحيا أولئك الموتى الذين قتلوا ولحقوابهم. قال: ثم إنهم لمّا رجعوا الى الشام وقد أحرق التوراة وليس معهم عهد من الله تعالى جدّد الله عز وجل توراتهم وردّها عليهم على لسان عزير، على ما نذكره إن شاء الله تعالى.
قال: وكان عمر بختنصّر بأيام مسخه نيّفا وخمسين سنة وخمسين يوما. فلمّا مات بختنصّر استخلف [ابنه «٢» ] بلسطاس «٣» . وكانت آنية بيت المقدّس التى حملها بختنصّر إلى بابل باقية، فنجّسها بلحوم الخنازير وأكل وشرب فيها، وأقصى دانيال ولم يقبل منه، واعتز له دانيال. فبينما بلسطاس ذات يوم إذ بدت له كف بغير ساعد وكتبت ثلاثة أحرف بمشهده ثم غابت، فعجب من ذلك ولم يدر ما هى، فاستدعى دانيال واعتذر اليه وسأله أن يقرأ تلك الكتابة ويخبره بتأويلها. فقرأها دانيال، فإذا