التابوت عرضوا ما كان فيه على الذى كان يعلّمهم عزير فوجدوه مثله، فقالوا:
والله ما أوتى عزير هذا إلّا وهو ابن الله.
وقال السّدّىّ وابن عبّاس فى رواية عمّار بن ياسر: إنما قالت اليهود هذا لأنّ العمالقة ظهرت عليهم فقتلوهم وأخذوا التوراة وهرب علماؤهم الذين بقوا ودفنوا التوراة فى الجبال وغيرها، ولحق عزير بالجبال والوحوش، وجعل يتعبّد فى رءوس الجبال ولا يخالط الناس ولا ينزل إلّا يوم عيد، وجعل يبكى ويقول: يا ربّ تركت بنى إسرائيل بغير عالم، فبكى حتى سقطت أشفار عينيه، فنزل مرّة الى العيد، فلمّا رجع إذا هو بامرأة قد تمثّلت له عند قبر من القبور تبكى وتقول: يا مطعماه، ويا كاسياه!. فقال لها عزير: يا هذه اتقى الله واصبرى واحتسبى، أما علمت أنّ الموت مكتوب على الناس!. وقال لها: ويحك! من كان يطعمك ويكسوك قبل هذا الرجل؟ (يعنى زوجها التى كانت تندبه) . قالت له: الله تعالى. قال: فإن الله تعالى حىّ لا يموت. فقالت: يا عزير، من كان يعلّم العلماء قبل بنى إسرائيل؟
قال: الله. قالت: فلم تبكى عليهم وقد علمت أنّ الموت حقّ وأن الله حىّ لم يمت.
فلمّا علم عزير أنه قد خصم ولّى مدبرا. فقالت له: يا عزير، لست بامرأة ولكنّى الدنيا. أما أنه ستنبع لك فى مصلّاك عين وتنبت لك شجرة، فكلّ من ثمرة تلك الشجرة واشرب من ماء تلك العين واغتسل وصلّ ركعتين؛ فإنه سيأتيك شيخ، فما أعطاك فخذ منه. فلمّا أصبح نبعت العين فى مصلّاه ونبتت الشجرة، ففعل ما أمرته به، وجاء شيخ وقال له: افتح فاك، ففتح فاه فألقى فيه شيئا كهيئة الجمرة العظيمة مجتمعا كهيئة القوارير ثلاث مرّات، ثم قال له: ادخل هذه العين فامش فيها حتى تبلغ قومك. قال: فدخلها فجعل لا يرفع قدمه إلّا زيد فى علمه، فرجع إليهم وهو أعلم الناس بالتوراة. فقال: يا بنى إسرائيل، قد جئتكم بالتوراة. فقالوا: