كان فى بنى إسرائيل رجل يقال له «أوشيا» وكان من علمائهم، وكان كثير المال، وكان إماما لبنى إسرائيل، وكان قد عرف نعت «١» النبىّ صلى الله عليه وسلم فى التوراة، فخبأه وكتمه عنهم. وكان له ابن يقال له بلوقيا خليفة أبيه فى بنى إسرائيل، وذلك بعد سليمان بن داود عليهما السلام. فلمّا مات أوشيا بقى ابنه بلوقيا والأمانة فى يده والقضاء، ففتّش يوما خزائن أبيه فوجد فيها تابوتا من حديد مقفلا بقفل حديد، فسأل الخزّان عن ذلك، فقالوا:
لا ندرى. فاحتال على القفل حتى فكّه، فإذا فيه صندوق من خشب الساج، ففكّه وإذا فيه أوراق، فقرأها فإذا فيها نعت النبىّ صلى الله عليه وسلم وأمّته وهى مختومة بالمسك، فقرأ ذلك على بنى إسرائيل ثم قال: الويل لك يا أبت من الله فيما كتبت وكتمت من الحقّ وأهله!. فقالت بنو إسرائيل: يا بلوقيا، لولا أنك إمامنا وكبيرنا لنبشنا قبره وأخرجناه منه وحرّقناه بالنار. قال: يا قوم، [لا ضير «٢» ] إنما ترك حظّ نفسه وخسر فى دينه ودنياه، فألحقوا نعت النبىّ صلى الله عليه وسلم وأمّته بالتوراة.
قال: وكانت أمّ بلوقيا فى الأحياء، فاستأذنها فى الخروج إلى بلاد الشام، وكانوا يومئذ فى بلاد مصر. فقالت: وما تصنع بالشام؟ قال: أسأل عن محمد وأمّته، فلعلّ الله تعالى أن يرزقنى الدخول فى دينه، فأذنت له. فبرز بلوقيا وقدم بلاد الشام.
فبينما هو يسير إذا انتهى إلى جزيرة من جزائر البحر، فإذا هو بحيّات كأمثال الإبل عظما وفى الطّول ما شاء الله وهنّ يقلن: لا إله إلّا الله محمد رسول الله. فقلن له: أيها الخلق المخلوق من أنت؟ وما اسمك؟ قال: اسمى بلوقيا، وأنا من بنى إسرائيل.
فقلن: وما إسرائيل؟ قلت: من ولد آدم. فقلن: سمعنا باسم آدم ولم نسمع باسم