وفى يدى اليسرى ظلمة الليل، ولو سبق النهار الليل لأضاءت السموات والأرضون، ولم يكن الليل أبدا، ولو سبقت الظّلمة النور لأظلمت السماء والأرض ولم يكن ضوء أبدا. وبين يديه لوح معلّق فيه سطران سطر أبيض وسطر أسود، فإذا رأيت السواد ينتقص نقصت الظلمة، وإذا رأيت السواد يزيد زدت الظّلمة، وإذا رأيت السطر الأبيض يزداد زدت فى البياض والنور، وإذا انتقص نقصت، فلذلك الليل فى الشتاء أطول والنهار أقصر؛ وفى الصيف النهار أطول والليل أقصر.
ثم سلم بلوقيا ومضى، فإذا هو بملك قائم يده اليمنى فى السماء ويده اليسرى فى الأرض فى الماء تحت الثرى وهو يقول: لا إله الله محمد رسول الله. فسلم عليه بلوقيا، فقال له: من أنت وما اسمك؟ قال اسمى بلوقيا وأنا من بنى إسرائيل من ولد آدم. قال له بلوقيا: أيها الملك ما اسمك؟ قال «١» ] : اسمى ميخاييل «٢» . قال: فما لى أراك يمينك فى السماء وشمالك فى الماء؟ قال: أحبس الريح بيمينى والماء بشمالى، ولو رفعت شمالى عن الماء لزخرت البحار كلّها فى ساعة واحدة ولطمت بإذن الله تعالى، ويدى اليمنى فى الهواء أحبس الريح عن بنى آدم لأنّ فى السماء ريحا يقال لها الهائمة «٣» لو أرسلنها لقتلت من فى السماء ومن فى الأرض من بردها. فسلم عليه بلوقيا ومضى، وإذا بأربعة من الملائكة، أحدهم رأسه كرأس الثّور «٤» ؛ والآخر رأسه كرأس النسر؛ والثالث رأسه كرأس الأسد؛ والرابع رأسه كرأس الإنسان. فالذى رأسه كرأس الثّور يقول: اللهم ارفع العذاب عن البهائم، وارفع عنهم برد الشتاء وحرّ الصيف، واجعل لهم فى قلوب بنى آدم الرأفة والرحمة كيلا يكرهنّ ولا يكلّفوهن «٥» فوق طاقتهن،