أطاعوا وواحد لم يطع ولم يتزوّج فلعنه أبوه وهو إبليس. وكان اسمه الحارث، وكنيته أبو مرّة؛ فهذا أوّل خلق الجنّ. ثم قال له: يا بلوقيا إنّ دوابّنا لا تثبت مع الإنس ولكن أجلّل فرسى وأبرقعه حتى لا يعرف راكبه، فاركب عليه على اسم الله تعالى؛ فإذا انتهيت إلى أقصى أعمالى «١» على ساحل بحر كذا وإذا شيخ وشابّ ومشايخ معهما فإنك ستلقاهما هناك فادفع الفرس إليهما وامض فى حفظ الله راشدا. فجاء بلوقيا على الفرس حتى انتهى إليهم فسلم على الشيخ والشابّ ونزل عن الفرس ودفعه إليهما. وكان قد فصل من عند ملك الجنّ عند صلاة الغداة ووصل إليهما نصف النهار. فقالا لبلوقيا: مذكم فارقت الملك؟ قال: فارقته غدوة. فقالا له: ما أسرع ما جئت! قد أتعبت فرسنا. فقال بلوقيا: والله ما مددت إليه يدا ولا حرّكت عليه رجلا ولم أركضه عنفا. قالا: صدقت ولكن فرسنا أحسّ بك وبمنزلتك «٢» ، فطار ما بين السماء والأرض ليريح نفسه منك، فكم تراه جاء بك؟ قال: خمسة فراسخ أو أقلّ أو أكثر. قالا: بل جاء بك مسيرة مائة وعشرين سنة، وكان يطير بك بين السماء والأرض حول الدنيا دون «قاف» وأنت لا تعلم. فحوّلوا عنه السّرج واللّجام والبرقع وإذا العرق يقطر من كلّ شعرة منه، وله جناحان انقضّا من كثرة الطيران.
فقال بلوقيا: هذا والله العجب. فقالوا: يا بلوقيا عجائب الله لا تنقضى. ثم سلم عليهم ومضى فركب اليمّ. فبينما هو يسير إذ رأى ملكا إحدى يديه بالمشرق والأخرى بالمغرب وهو يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله. فسلم عليه بلوقيا، فقال له الملك:
من أنت أيها الخلق المخلوق؟ فقال: أنا بلوقيا وأنا من بنى إسرائيل من ولد آدم.
ثم قال له: أيّها الملك ما اسمك؟ قال: [اسمى يوحاييل وأنا موكّل بضوء النهار وظلمة الليل. فقال: فما بال يديك مبسوطتين؟ فقال له: فى يدى اليمنى ضوء النهار،