للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جبرائيل عسى أن يقدر على فتحه. فدعا بلوقيا، فأمر الله تعالى جبريل فنزل عليه وفتح الباب، ثم قال: يابن آدم ما أجرأك على الله! ثم جاز بلوقيا حتى انتهى الى بحرين:

بحر مالح وبحر عذب. فلمّا وصل إليهما رأى بينهما حاجزا، وفى البحر المالح جبل من ذهب، وفى البحر العذب جبل من فضّة، وبينهما ملك على صورة النمل ومعه ملائكة على تلك الصورة. فسلم عليهم فردّوا عليه السلام وقالوا له: من أنت؟

فأخبرهم بقصّته. ثم قال بلوقيا: من أنتم؟ قالوا: نحن أمناء الله تعالى على هذين البحرين لا يلتقيان ولا يبغيان. فقال لهم بلوقيا: ما هذا الجبل الأحمر؟ قالوا:

هذا كنز الله فى الأرض وكلّ ذهب فى الأرض إنما هو من نصاب هذا الجبل، وكلّ ما فى الدنيا من ماء عذب هو من هذا البحر. وهذا البحر إنما يجىء من تحت العرش من قبل أن خلق الله تعالى الملائكة؛ وكل ما يجرى من ماء مالح فهو من ذلك البحر الملح. وهذا الجبل الأبيض هو من فضّة وهو كنز الله تعالى؛ وكل كنز فى الدنيا وكل معدن فضّة فهو من عروق هذا الجبل. فسلم بلوقيا عليهم ومضى حتى انتهى الى بحر عظيم، فإذا هو بحيتان كثيرة عظيمة وقد اجتمعت وبينها حوت عظيم يقضى بين الحيتان. فلمّا نظر الى بلوقيا قال: لا إله إلّا الله محمد رسول الله.

فسلم بلوقيا وأخبره بحال النبىّ صلى الله عليه وسلم وأنه خرج فى طلبه، فردّ السلام ثم قال: يا بلوقيا، إن لقيت محمدا فأقرئه منّى السلام. فقال:

نعم إن شاء الله. ثم قال: أيّتها الحيتان إنى جائع عطشان وماء البحر ملح وما أجد ما آكل. فقال الحوت الأعظم: يا بلوقيا سأطعمك طعاما تسير أربعين سنة لا تعيا ولا تجوع ولا تعطش، قال: فأطعمه ذلك الحوت قرصا أبيض، فأكله ومضى حتى بلغ العمران. قال: ومن قبل أن يبلغ العمران رأى شابّا يجرى على الماء كأنه البدر. فقال له بلوقيا: من أنت؟ قال: سل الذى خلفى. فسار بلوقيا يوما