أسجد لأبيك آدم جميع الملائكة فسجدوا كلّهم وامتنعت أنا من السجود وقلت أنا خير منه!. فلما قال هذا أخلاه جرجيس. فما دخل إبليس منذ ذلك اليوم جوف صنم ولا يدخله بعدها فيما يذكرون أبدا. [فقال الملك: يا جرجيس خدعتنى وغدرتنى وأهلكت آلهتى «١» .] فقال جرجيس للملك: إنما فعلت ذلك لتعتبر ولتعلم أنها لو كانت آلهة لامتنعت منّى فكيف ثقتك- ويلك- بآلهة لم تمنع أنفسها منّى! وإنما أنا مخلوق ضعيف لا أملك إلّا ما ملّكنى ربّى. فلمّا قال جرجيس هذا كلّمتهم امرأة الملك وكشفت لهم إيمانها، وعدّدت عليهم [أفعالهم «٢» ] أفعال جرجيس والعبر التى أراهم الله تعالى، وقالت لهم: ما تنتظرون من هذا الرجل إلّا دعوة فيخسف الله بكم الأرض كما خسف بأصنامكم. الله الله أيها القوم فى أنفسكم!. فقال لها الملك:
ويحك يا سكندرة! ما أسرع ما أضلّك هذا الساحر فى ليلة واحدة وأنا أقاسيه منذ سبع سنين فلم يظفر منّى بشىء قطّ! فقالت: أما رأيت الله كيف يظفره بك ويسلّطه عليك فيكون له الفلج والحجّة عليك فى كل موطن!. فأمر بها الملك عند ذلك فحملت على خشبة جرجيس التى كان عليها علّق، وحملت عليها الأمشاط التى جعلت على جرجيس. فلمّا تألّمت قالت: ادع ربك يا جرجيس فيخفّف عنّى فإنى قد المنى العذاب. فقال لها: انظرى فوقك. فلمّا نظرت ضحكت. فقال لها: ما الذى يضحكك؟ قالت: أرى ملكين فوقى معهما تاج من حلّى الجنة ينتظران به روحى أن تخرج. فلمّا خرجت أتيا بذلك التاج ثم صعدا بها الى الجنة. قال: فلمّا قبض الله تعالى روحها أقبل جرجيس على الدعاء فقال: اللهمّ أنت أكرمتنى بهذا البلاء لتعطينى فضائل الشهداء، فهذا آخر أيامى التى وعدتنى فيه الراحة من بلائك، فإنّى أسألك ألّا تقبض روحى ولا أزول من مكانى هذا حتى تنزل بهؤلاء القوم من