للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منحوتة فى حجر صلد، استدارتها نحو من خمسين ميلا قطع قائم كأنه حائط مبنىّ، يكوّن قعرها نحوا من ميلين، لا سبيل الى الوصول الى مستوى تلك الدارة، ويرى بها بالليل نيران كثيرة فى مواضع مختلفة، ويرى فيها بالنهار قرى وأنهار تجرى، وفيها ناس وبهائم إلّا أنهم يرون لطاف الأجسام لبعد قعر الموضع لا يدرى من أىّ الأمم هم.

ولا سبيل الى صعودهم ولا الى النزول اليهم من جهة من الجهات. ووراء تلك الجبال خسفة أخرى قريبة القعر فيها آجام وغياض، فيها نوع من القرود منتصبة القامات مستديرة الوجوه، الأغلب عليها صور الناس وأشكالهم إلا أنهم ذوو شعور.

قال: وربّما وقع فى النادر منها القرد اذا احتيل عليه فى اصطياده، فيكون فى نهاية الفهم والدراية. وربّما حمل الواحد منها الى الملوك فيعلّم القيام على رأسه بالمذبّة.

ولهم خاصيّة بمعرفة المسموم من المآكل والمشارب. فإذا دنا الطعام منها شمّته ويلقى لها الشىء منه فإن أكلته أكله الملك، وإن امتنعت علم الملك أنّ ذلك مسموم.

قال: وفيما بين بلاد الخزر وبين بلاد المغرب أمم أربع من الترك ترجع فى أنسابها الى أب واحد، وهم حضر وبدو، ذوو منعة وبأس شديد. ولكل أمّة منها ملك. ومسافة كل مملكة منها أيام، متّصلة ممالكهم بعضها ببحر نيطش.

وتتّصل غاراتهم ببلاد رومية وما يلى بلاد الأندلس. وهى تستظهر على سائر من هنالك من الأمم. وبينهم وبين الخزر واللّان مهادنة، وبلادهم تتّصل بممالك الخزر. فالجيل الأوّل منهم يقال له نجا. ويليه بجعود «١» . ويليه بجناك؛ وهى أشدّ هذه الأمم الأربع بأسا، ويليه أنو جرذد «٢» . وكانت لهم حرب مع الروم بعد العشرين والثلاثمائة. ويلى بلاد الّلان أيضا أمة يقال لها الأنجاز تدين بالنصرانية، وملك اللّان مستظهر عليهم وهم متّصلون بجبل الفتح. ثم يلى بلاد الأبخاز ملك الخزرية، وهم أمّة عظيمة منقادة