للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من عمل ذلك. وخرج متنكّرا يشقّ الأمم إلى أن بلغ بابل، ورأى ما عمل الملوك من العجائب. وعلم حال ملكها فى الوقت وسيرته ومجارى أموره. ويقال: إنّ نوحا عليه السلام ولد فى وقته. قال: وولد لهرصال عشرون ولدا، جعل مع كل ولد منهم قاطرا «١» وهو رأس الكهنة. وتزعم القبط أنه بعد مائة وسبع وعشرين سنة من ملكه لزم الهياكل وتعبّد للكواكب فأخفته عن أعين الناس. وأقام بنوه على حالهم كل واحد منهم فى قسمه الذى أعطاه إياه يدبّره ولا يشركه فيه غيره. وأمور الناس جارية على سداد، فأقاموا كذلك سبع سنين. ثم وقع بين الإخوة تشاجر، واجتمع رأى الكهنة على أن يجعلوا أحدهم ملكا، ويقيم كل واحد منهم فى قسمه. فاجتمعوا فى ذلك اليوم فى دار المملكة، وقام رأس الكهّان فتكلّم وذكر هرصال وسعادة أيامه وما شملهم فيها من الخير، وأخبر بما رأته الجماعة من تقليد أحدهم الملك. فإن كان هرصال لم يمت ورجع إليهم لم ينكر ما فعلوه لأنهم أرادوا بذلك حفظ ملكه، وإن لم يرجع كان الأمر قد جرى على ما سلف من قيام ملك بعد ملك فاجتمع رأيهم على أكبر ولده وهو:

ندسان «٢» بن هرصال. فملك وسار سيرة أبيه وحمد الناس أمره. وعمل قصرا من خشب ونقشه بأحسن النقوش، وصوّر فيه صور الكواكب ونجّده بالفرش وحمله على الماء وكان يتنزّه فيه. فبينما هو فيه إذ زاد النيل زيادة عظيمة وهبّت ريح عاصف فانكسر القصر وغرق الملك. وكان قد نفى إخوته إلى المدائن