على الشام، وأراد أن يزحف إلى مصر، فعرف أنه لا يصل اليها لسحر أهلها، فأراد أن يدخلها متنكّرا ليقف على أحوالها، فخرج فى نفر حتى بلغ الحصن الذى كانوا بنوه على مصر. فسألهم الحرس الموكّلون به عن أمرهم، فعرّفوهم أنهم قصدوا بلدهم ليسكنوه، فحبسوهم وطالعوا الملك بخبرهم. وكان الملك قد رأى فى منامه كأنه قائم على منار لهم عال، وكأن طائرا عظيما انقضّ عليه ليختطفه، فحاد عنه حتى كاد يسقط عن المنارة فجاوزه ولم يضرّه، فانتبه مرعوبا، وبعث إلى رأس الكهنة فقصّ عليه رؤياه، فعرّفه أن ملكا يطلب ملكه فلا يصل اليه. فنظر فى علمه فرأى أنه قد دخل بلده. فلما وردت الرسل بذكر القوم علم أن الملك فيهم؛ فوجّه جماعة من أصحابه فاستوثقوا منهم وحملوهم اليه، وقد كان أمرهم أن يطوفوا بهم فى أعمال مصر كلها ليروا ما فيها من الطّلّسمات والأصنام المتحرّكات والعجائب المعجزات، فبلغوا بهم إلى الإسكندرية، ثم ساروا بهم إلى أمسوس وطيف بهم على عجائبها. ثم سير بهم إلى الجنّة التى عملها مصرام، وكان الملك مقيما بها وأمر السحرة بإظهار التهاويل والتخاييل، فجعلوا يتعجّبون مما رأوا الى أن وصلوا الى شرناق الملك والكهنة حوله وقد أظهروا صنوف العجائب، وجعلوا بين يدى الملك نارا عظيمة لا يصل اليه إلا من خاضها ولا تضرّ إلا من أضمر للملك غائلة، وأمر بدخولها، فشقّوها واحدا واحدا لم ينلهم منها أذّى، وكان الملك آخرهم، فلمّا دنا من النار أخذته فولّى هاربا. فأتى به شرناق فسأله عن أمره فأقرّ، فأمر بقتله على أسطوانة عند باب الحصن من ناحية الشام، فقتل وزبر عليه: هذا فلان المتغلّب على الشام أضمر غائلة الملك، طلب ما لا يصل اليه فعوقب بهذا. وأمر بإخراج الباقين من بلاده فأخرجوا. وقيل لهم: قد وجب عليكم القتل لصحبتكم من أراد الفساد فى الأرض، ولكنّ الملك عفا عنكم. فكانوا لا يمرّون على أحد إلّا حدّثوه بما رأوا من العجائب، فانقطعت أطماع الملوك عن