للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالت: أنا صورة النار المعبودة فى الأمم الخالية، وقد أردت أن تحيى ذكرى وتتّخذلى بيتا وتوقد فيه نارا دائمة بقدر واحد، وتتّخذ لها عيدا فى كل سنة تحضره أنت وقومك فإنك تتّخذ بذلك عندى يدا وتنال به شرفا وملكا الى ملكك، وأمنع عنك وعن بلدك من يطلبك ويعمل الحيلة عليك، وأدلك على كنوز جدّك مصرام. فلمّا سمع ذلك منها ضمن لها أن يفعل، ودلّته على الكنوز التى كانت لجدّه تحت المدائن المعلّقة، وكيف يصير إليها ويمتنع من الأرواح الموكّلة بها وما يبخّرها به. فلمّا فرغ من ذلك قال لها: كيف لى بأن أراك فى الأوقات وأسألك عمّا أريده، أأصير اليك فى هذا المكان أو غيره؟ قالت: أمّا هذا المكان فلا تقدر بعد وقتك هذا عليه؛ لأنّ الأفعى التى رأيتها فيه قيّمته لأنّ فيه آية تمنع أن يوقف عليها فى وقتنا هذا، ولكن إن أحببت أن ترانى فدخّن فى البيت الذى تعمله لى بكذا وكذا: أشياء ذكرتها له، منها: عظام ما يقرّبه له من القرابين والذبائح والصّموغ، فإنى أتخيّل لك وأخبرك بكل حقّ وباطل مما يكون فى بلدك. فلمّا سمع ذلك منها سرّ به وغابت عنه، وظهرت الأفعى وخرج هاربا وجعل على الكوّة سدّا، وعمل ما أمرته به وأخرج كنوز جدّه.

وعمل من العجائب بأمسوس وغيرها ما يطول شرحه. وعمل القبّة المركّبة على سبعة أركان، ولها سبعة أبواب، على كل باب صورة معمولة، وكان يقال لها قبّة القصر.

وكان السبب فى بنائها أنّ بعض الكهّان جار فى قضيّة قضى بها؛ وذلك أن بعض العامّة أتاه يشكو امرأته- وكان يحبّها والمرأة تبغضه- وسأله أن يقوّمها له، وكانت المرأة من أهل بيت الكاهن، فمالأها على زوجها، وأمره بتخليتها فلم يفعل، فحبسه وشدّد عليه، وكان من أهل الصناعات، فاجتمع جماعة من أهل صنعته ممّن كان قد عرف حال المرأة معه وأنها له ظالمة وهو لها منصف، فوقفوا على ظلم الكاهن فاستعدوا عليه عند خليفة الملك. فأحضر الكاهن وسأله، فذكر أنه لم يحكم إلّا بواجب. فأحضر