للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذبائح لتمنع «١» عن نفسها [من أرادها] إلا من قرّب إليها وعمل لها أعمال الوصول فإنه يصل اليها. قال: وذكر القبط أنه كتب عليها اسم الملك والوقت الذى بناها فيه، ويقول: إنا بنيناها فى ستّ سنين «٢» فقل لمن يأتى بعدنا يهدمها فى ستمائة سنة فإن الهدم أهون من البنيان. وإنا كسوناها الدّيباج الملوّن المذهب المرقوم بالذهب فقل لمن يأتى بعدنا يكسوها حصيرا. فنظروا فوجدوا أحدا لا يقوم بهدمها وكسوتها لأنه لا يستطاع ذلك ولا يقدر عليه.

قال: وحكى عن هذه الأهرام عجائب يطول الشرح بذكرها؛ منها أن المأمون لمّا دخل إلى مصر أحبّ أن يهدم أحدها ليعلم ما فيها، فقيل له: إنك لا تقدر على ذلك. فقال: لا بدّ من فتح شىء «٣» منه. فعولجت الثّلمة المفتوحة منه فأنفق عليها مالا كثيرا لنار توقد وخلّ يرشّ ومنجنيقات ترمى بها، فوجد عرض الحائط قريبا من عشرين ذراعا. فلما انتهوا الى داخل الهرم وجدوا خلف الحائط عند النقب مطهرة خضراء فيها ذهب مضروب دنانير، وزن كل دينار أوقية «٤» من أواقينا، وكان عددها ألف دينار، فعجبوا من ذلك ولم يعرفوا ما معناه، ثم أتى المأمون بالذهب والمطهرة فجعل يتعجّب من الذهب وحسنه وجودته وحمرته، فقال:

ارفعوا لى حساب ما أنفقتموه على هذه الثّلمة ففعلوا، فوجده بإزاء المال الذى أصابوه لا يزيد ولا ينقص. فعجب المأمون من معرفتهم على طول المدد بأنهم سيفتحونه من ذلك الموضع بعينه، ومعرفتهم بمقدار ما ينفق عليه وتركهم مقداره