فى موضعه، فقال: كان هؤلاء القوم من العلوم بمنزلة لا ندركها نحن ولا أمثالنا.
وقيل: إنّ المطهرة التى وجد فيها الذهب كان من زبرجد، فأمر المأمون بحملها إلى خزانته، وكانت أحد ما حمل من عجائب مصر.
ومن عجائب أخبارها أنّ المأمون لمّا فتح الهرم أقام الناس سنين يقصدونه ويدخلون فيه وينزلون الزلّاقة التى فيه، فمنهم من يسلم ومنهم من يهلك.
وأنّ جماعة من الأحداث اهتمّوا، وكانوا عشرين رجلا، على أن يدخلوا الهرم ولا يبرحوا منه حتى يقفوا على منتهى أمره، فأخذوا معهم من الطعام والشراب ما يكفيهم لشهرين، وأخذوا السكك والحبال والشمع والوقيد والفؤس والقفاف ودخلوا الهرم، ونزل أكثرهم فى الزلّاقة الأولى والثانية، ومضوا فى أرض الهرم فرأوا فيه خفافيش بقدر العقبان تضرب وجوههم، فانتهوا إلى لصب «١» فى حائط تخرج منه ريح باردة لا تفتر، فذهبوا ليدخلوا فانطفأت سرجهم، فجعلوها فى زجاج وذهبوا ليدخلوا فكاد اللّصب ينطبق عليهم فهابوه فقال أحدهم: اربطوا وسطى بحبل وأنا أدخل، فإذا كاد اللّصب ينطبق فجرّونى إليكم؛ وكان على باب اللّصب أجرنة «٢» فارغة فعلموا أنّ أجساد موتاهم داخل ذلك اللصب، فربطوه بالحبل، فلمّا تقحّم «٣» اللصب انطبق عليه فجرّه أصحابه فلم يقدروا على نزعه وسمعوا عظامه تتكسّر، وسمعوا صيحة هائلة فسقطوا على وجوههم لا يعقلون. فلمّا أفاقوا طلبوا الخروج فأخرجهم أصحابهم بشدة، وسقط بعضهم فى وقت صعودهم من الزلّاقة فنزل، وخرجوا من الهرم فجلسوا فى سفحه متعجّبين، فإنهم كذلك إذ أخرجت لهم الأرض صاحبهم