ووكّل بها الروحانيّين الذين يمنعون منها؛ فما يستطيع أحد أن يدنو منها ولا يدخلها أو يعمل قرابين أولئك الروحانيين فيصل إليها حينئذ ويأخذ من كنوزها ما أحبّ من غير مشقّة ولا ضرر. قال: وأقام قفطريم ملكا أربعمائة سنة. وأكثر العجائب عملت فى وقته ووقت ابنه البودسير «١» . وكان الصعيد أكثر عجائب من أسفل الأرض. قال: وفى آخر أيام قفطريم هلكت عاد بالريح العقيم.
ولمّا حضرت قفطريم الوفاة عمل له ناووس من الجبل الغربىّ قرب مدينة الكهنة، كان عمله لنفسه قبل موته فى سرب فى الجبل كهيئة الدار الواسعة وجعل دورها خزائن منقورة، وجعل فى سقوفها مسارب للرياح، وبنى ذلك بالمرمر، وجعل فى وسط الدار مجلسا على ثمانية أركان مصفحا بالزجاج الملوّن المسبوك، وجعل فى سقفه جواهر وحجارة تسرج، وجعل فى كل ركن من أركان المجلس تمثالا من الذهب بيده كالبوق، وجعل تحت القبّة دكّة مصفّحة بالذهب، وجعل لها حوافى زبرجد، وفرش فوق الدكّة فرش الحرير، وجعل عليها جسده بعد أن لطخ بالأدوية الممسكة، ومن جوانبه آلات الكافور المخروطة، وسدلت عليه ثياب منسوجة بالذهب، ووجهه مكشوف وعلى رأسه تاج ملكه، وعن جوانب الدكّة أربع تماثيل مجوّفات من زجاج مسبوك مثل صور النساء وألوانهن، بأيديهن كالمراوح من ذهب، وعلى صدره من فوق الثياب سيف صاعقىّ قائمه من الزبرجد، وجعل فى تلك الخزائن:
من الزبرجد وسبائك الذهب والتيجان والجواهر وبرانى الحكم وأصناف العقاقير والطّلّسمات، ومن المصاحف الحاوية لجميع العلوم، ما لا يحصى قدره كثرة؛ وجعل على باب المجلس ديك من ذهب على قاعدة من زجاج أخضر منشور الجناحين مزبور عليه آيات عظام مانعة، وجعل على مدخل كل أزج صورتين من نحاس مشوّهتين بأيديهما