سيفان كالبرق، ووراءهما بلاطة تحتها لوالب فمن وطئها ضرباه بأسيافهما فقتلاه، وفى سقف كل أزج كرة عليها لطوخ مدبّر يسرج، وسدّ باب الأزج بالأساطين ورصّوا على سقفه البلاط العظام وردموا فوقها الرمال، وزبروا على باب الأزج: هذا الداخل إلى جسد الملك العظيم المهيب الكريم الشديد قفطريم ذى الأيد والفخر، والغلبة والقهر، أفل نجمه وبقى ذكره وعلمه، فلا يصل أحد اليه، ولا يقدر بحيلة عليه، وذلك بعد سبعمائة وسبعين، ودورات مضت من السنين.
قال: ولمّا مات قفطريم ملك بعده ابنه البودسير بن قفطريم؛ فتجبّر وتكبّر وعمل بالسحر واحتجب عن العيون، وقد كان أعمامه أشمون وأتريب وصا ملوكا على أحيازهم إلّا أنه قهرهم بجبروته وقوّته، فكان الذكر له كما كان لأبيه. ويقال: إنه أرسل هرمس الكاهن المصرىّ إلى جبل القمر الذى يخرج النيل من تحته حتى عمل هناك هيكل التماثيل النحاس، وعدل إلى البطيحة التى ينصبّ اليها ماء النيل.
ويقال: إنه الذى عدّل جانبى النيل وقد كان يفيض [فى مواضع وينقطع فى مواضع «١» ] ، وأمره البودسير أن يسير مغرّبا فينظر الى ما هناك، فوقع على أرض واسعة متخرّقة بالمياه والعيون كثيرة العشب، فبنى منائر ومتنزهات، وحوّل اليها جماعة من أهل بيته فعمروا تلك النواحى وبنوا فيها حتى صارت أرض الغرب كلها عمارة، وأقامت كذلك مدة كثيرة وخالطهم البربر فتناكحوا؛ ثم إنهم تحاسدوا وبغى بعضهم على بعض، وكانت بينهم حروب فخرب البلد وباد أهله إلا بقية منازل تسمّى الواحات هى موجودة الى وقتنا هذا.
ويقال: إنه عمل عجائب كثيرة فى وقته، منها: قبّة لها أربعة أركان وفى كلّ ركن منها كوّة يخرج منها كالدخان الملتفّ فى ألوان شتّى [يستدلّون بكل