رأسه كالبرنس «١» وفى يده كالعكّاز إذا مرّ به رجل تاجر جعل بين يديه شيئا من الذهب على قدر بضاعته، وإن حاذاه «٢» عن بعد ولم يفعل ذلك لم يقدر على الجواز ويبيت قائما مكانه، فكان يجتمع من ذلك مال عظيم يفرّق فى الزمنى والفقراء.
وعمل فى وقته كل أعجوبة طريفة، وأمر أن يزبر اسمه عليها وعلى كل علم وكل طلّسم وصنم. وعمل لنفسه ناووسا فى داخل أرض الغرب عند جبل يقال له سدام، وعمل تحته رحى طوله مائة ذراع فى ارتفاع ثلاثين ذراعا فى عرض عشرين ذراعا، وصفّحه بالمرمر والزجاج الملوّن المسبوك وسقفه بالحجارة الصافية، وعمل فيما دار به مصاطب لطافا مبلّطة بالزجاج، وعمل على كل مصطبة فيها أعجوبة وتمثالا مما عمل فى وقته، وعمل فى وسط الأزج دكّة من زجاج ملوّن، على كل ركن من أركانها صورة تمنع من الدنوّ إليها، وبين كل صورتين كالمنارة عليها حجر مضىء، وجعل فى وسط الدكّة حوضا من ذهب يكون جسده فيه بعد تضميده بالأدوية الممسكة، ونقل إليه ذخائره من الجوهر والذهب وغير ذلك، وأمر أن يسدّ باب الأزج بالصخور والرّصاص وتهال عليه الرمال. وكان ملكه ثلاثا وسبعين سنة، وعمره مائتين وأربعين سنة، وكان جميلا ذا وفرة حسنة فنسكت عامّة نسائه بعده ولزمن الهيكل.
وعهد بالملك إلى ابنه أنساد بن مرقونس؛ فملك بعد أبيه وهو غلام ابن خمس وأربعين سنة، وكان معجبا جبّارا طمّاح العين، فنكح امرأة من نساء أبيه وانكشف أمره معها، وكان أكبر همّه اللهو واللعب، فجمع كل مله كان فى مملكته وقصده كل من هذه سبيله، وجعل تدبير الملك إلى وزير له يقال له