مسرور، ورفض العلوم والهياكل والكهنة والنظر فى أمور الناس. وعمل قصورا من خشب عليها قباب من خشب منقوشة ممّوهة وجعلها على أطواف فى النيل، فكان يشرب عليها مع من يحبّه من نسائه وخدمه ومن يلهيه.
وعمل عجلا فى البرّ وحمل عليها الأروقة المذهبة وفرشها بفاخر الفرش، فكان يتنزّه عليها ويجرّها البقر ويقيم فى نزهته شهورا لا يمرّ بموضع نزه إلّا أقام فيه أياما. وولّد من الشجر توليدا كثيرا. واستتفد أكثر ما فى خزائن أبيه لجوائز الملهين والنفقات فى غير وجه. فلمّا أسرف فى ذلك اجتمع الناس إلى وزيره فأنكروا عليه حاله وسألوه مسألته والمشورة عليه أن يقع عمّا هو عليه فضمن لهم ذلك، وفاوضه فيه فلم ينته عنه، وسلّط أصحابه على الناس فأساءوا إليهم وأضروا بهم. وخرج فى بعض الأيام إلى متنزّه كان له قد صفّح مجالسه بصفائح الذهب والفضة، وغريب الزجاج الملوّن، والجواهر المخروطة، والصهاريج المرّخمة الملوّنة، وأمال إليه المياه، وغرس فيه الرياحين والثمار، وفرش مجالسه بأصناف الفرش؛ وكان إذا أحبّ أن يخلو بامرأة من نسائه خلابها هناك؛ فإنه فى ذلك المكان، وقد أقام به أياما، إذ خرج غلام لبعض حرمه فأتى بعض التجّار فى حاجة أراد أخذها بغير ثمن، فمنعه التجّار منها، فوثب بهم فضربوه حتى أسالوا دمه وحمل، واتصل الخبر بالوزير وصاحب الجيش فركبا إلى الموضع وأنكرا على الناس فأغلظوا لهما، فانصرفا وعرّفا الملك الخبر، فأراهما أنه لم يحفل بذلك، وأمر بالنداء فى الناس من تعرّض لكم من خدم الملك وأصحابه بأذى فاقتلوه، فشكره الناس وحمدوا فعله على ذلك، وتواصوا بالوثوب على أصحابه، حتى إذا مضى لذلك أسبوع وجه الملك إلى الوزير وصاحب الجيش فعرّفهما أنه قد عزم على الركوب إلى صحراء الغرب يتصيّد هناك، وامر أن يركب معه الجيش ويتزوّدوا لثلاثة أيام ففعلوا، وخرج إلى البرّية فسار حتى إذا اختلط