غلاما له فأتى مملكة مصر ووقف على كثرة خيراتها «١» وحمل إلى صاحبه من مائها وألطافها وعاد إليه، فعرّفه حال مصر فقصدها فى جيش كثيف حتى حطّ عليها، وكاتب الملكة وخطب إليها نفسها، فوجهت إليه من أشرف على حاله فوجد قوما عظاما لا يقوم بحربهم، فأجابته إلى التزويج وألطفته وشرطت عليه أن يبنى لها مدينة يظهر فيها أيده وقوّته ويجعلها مهرا لها، فأجابها ودخل مصر وانتهى إلى ناحية الغرب ليبنى لها المدينة ناحية الإسكندرية، فأمرت أن يتلقّى بأصناف الرياحين والفواكه وتخلّق وجوه الخيل؛ فمضى إلى الإسكندرية- وقد خربت بعد خروج العاديّة «٢» منها- فنقل منها ما كان من حجارتها ومعالمها وعمدها ووضع أساس مدينة عظيمة وبعث إليها مائة ألف فاعل، فأقام فى بنائها مدّة وأنفق جميع ما كان معه من المال، وكان كلما بنى بناء خرجت من البحر دوابّ تقلعه فإذا أصبح لم يجد منه شيئا؛ فاهتمّ لذلك.
وكانت حوريا قد أنفذت إليه ألف رأس من المعز اللبون يستعمل ألبانها فى مطبخه، وكانت مع راع يثق به، وكان ذلك الراعى يطوف بها ويرعاها هناك، فكان إذا أراد أن ينصرف عند المساء خرجت إليه من البحر جارية حسناء فتتوق نفسه إليها، فإذا كلمها شرطت عليه أن تصارعه فإن صرعها كانت له وإن صرعته أخذت رأسين من المعز؛ فكانت على طول الأيام تصرعه وتأخذ من الغنم حتى أخذت أكثر من نصفها وتغير باقيها لشغله بحب تلك الصورة عن رعيها، وتغير هو أيضا فى جسمه ونحل، فمرّ به صاحبه وسأله عن حاله وحال الغنم فخبّره الخبر خوف سطوته فقال: أى وقت تخرج؟ قال: قرب المساء. فلبس ثياب الراعى وتولّى رعية «٣» الغنم يومه إلى المساء، وخرجت الجارية فشرطت عليه كما شرطت على الراعى، فأجابها وصارعها فصرعها وقبض عليها وشدّها فقالت له: إن كان لا بدّ