للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واللهو فلم يصبح منهم أحد يعيش، ولقيها الثلث الثانى والثالث بعده ففعلت بهم كذلك، وهى توجّه إليه أنها أنفذت جيشه إلى قصرها ومملكتها يحفظونه، إلى أن دخلت عليه هى وظئرها وجوار كنّ معها، فنفخت ظئرها فى وجهه نفخة بهت إليها ورشّت عليه ماء كان معها فارتعدت مفاصله فقال: من ظنّ أنه يغلب النساء فقد كذبته نفسه وغلبته النساء، ثم فصدت عروقه وأسالت دمه وقالت: دماء الملوك شفاء.

وأخذت رأسه فوجّهت به إلى قصرها فنصب عليه وحملت تلك الأموال الى منف.

وبنت منارا بالاسكندرية وزبرت عليه اسمها واسمه وما فعلت به وتاريخ الوقت.

قال: ولما اتصل خبرها بالملوك الذين يتاخمون بلدها، هابوها وأذعنوا لها وهادوها. وعملت بمصر عجائب كثيرة، وأقطعت أهل بيتها وقوّادها وحشمها أقطاعا كثيرة، وأمرت أن يبنى على حدّ مصر من ناحية النوبة حصن وقنطرة يجرى ماء النيل من تحتها. واعتلت حوريا فاجتمع اليها أهل مملكتها وسألوها أن تقدّم عليهم ملكا، ولم يكن فى ذلك الوقت من ولد أبيها وأهل بيته من يصلح لذلك، فقلدت عمتها دليفة بنت ماموم «١» ، وكانت عذراء من عقلاء النساء وكبراهنّ، فعهدت اليها وأخذت لها المواثيق على أهل مصر ألا يسلموها وأن يتبعوا أمرها، وسلمت اليها مفاتيح خزائنها، وأطلعتها على مواضع كنوز آبائها وكنوزها، وأمرت أن يضمّد جسدها بالكافور وتحمل الى المدينة التى بنيت لها فى صحراء الغرب، وقد كانت عملت لها فيها ناووسا وعملت فيه عجائب ونقلت اليه أصنام الكواكب، وزينته بأحسن الزينة ونصّبت له قومة، وأسكنت تلك المدينة جماعة من الكهنة وأصحاب العلوم والمهن وبعض الجيش، وعمرت تلك المدينة فلم تزل على حالها من العمارة الى أن خرّبها بختنصّر وحمل بعض كنوزها.