وجلست دليفة بنت ماموم على سرير الملك بعد وفاة حوريا، واجتمعت الكلمة عليها وأحسنت الى الناس ووضعت عنهم خراج سنة، وقام عليها أيمين يطلب بثأر خاله انداخس، واستنصر بملك العمالقة «١» فوجّه معه قائدا من قوّاده فى جيش كثيف، فأخرجت اليه دليفة بعض قوّادها فالتقوا بالعريش، وجعل سحرة الفريقين يظهرون التخاييل الهائلة والعجائب العظيمة والأصوات التى تقرع الأسماع وتؤلمها، فأقاموا مدّة يتكافئون الحرب ويتراجعون فهلك بينهم خلق كثير، ثم انهزم أصحاب دليفة الى منف وسار أصحاب أيمين فى آثارهم، ومضت دليفة فى جمع من جيوشها الى ناحية الصعيد فنزلت الأشمونين وأنفذت من قدرت عليه من الجيوش ووقعت الحرب بينهم بناحية الفيوم وخلّى أصحاب دليفة الماء بينهم وبين عدوّهم، واستنجدت دليفة بأهل مدائن الصعيد فحاربوا أصحاب أيمين حتى أزالوهم عن منف، وكانوا قد ظفروا بها وعاثوا فيها، فهزموهم حتى ركبوا المراكب وعدوا الى ناحية الحوف، وكان معهم ساحر من أهل ناحية قفط فأظهر بسحره نارا حالت بينهم وبين أصحاب دليفة، فلما زاد الأمر وأشفق أهل مصر من خروجها عن أيديهم سفر السفراء بينهم على أن يجعلوا البلد قسمة بينهم فأجاب كل منهما الى الصلح، ثم غدرت دليفة بعد ذلك بأيمين وأخرجت الأموال والجواهر وفرقتها فى الناس، وكان بعضهم قد لامها فى الصلح، فرجعت الى الحرب فأقاموا ثلاثة أشهر ثم ظهر أيمين عليها وهزمها الى ناحية قوص وسار خلفها وتمكن من المملكة، فلما رأت ذلك سمّت نفسها فهلكت.
وملك بعدها أيمين؛ فتجبر وقتل خلقا كثيرا ممن كان حاربه. وكان الوليد بن دومع العمليقى قد خرج فى جيش كثيف يتنقل فى البلدان ويقهر ملوكها ليسكن