للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بيده: إرجعوا، وعلى صدره مزبور: ما ورائى أحد. فتركه وسار راجعا فانتهى إلى مدينة النحاس فلم يصل إليها. ومضى حتى بلغ الوادى المظلم فكانوا يسمعون منه جلبة عظيمة ولا يرون أحدا لشدّة ظلمته. وسار حتى انتهى إلى وادى الرمل ورأى على عبره أصناما عليها أسماء الملوك قبله فأقام معها صنما وزبر عليها اسمه. فلما أسبت «١» الرمل جاز عليه إلى الخراب المتصل بالبحر الأسود، وسمع جلبة وصياحا هائلا فخرج فى شجعان أصحابه حتى أشرف على السباع المقرنة الأنوف، فإذا بعضها تهرّ وتأكل بعضها بعضا، فعلم أنه لا مذهب له من ورائها فرجع، وعدّى وادى الرمل ومرّ بأرض العقارب فهلك بعض أصحابه ورفعوها عنهم بالرّقى التى يعرفونها، ثم جاوزهم حتى انتهى إلى مكان صلوفة وهى حية عظيمة، فهجموا عليها ولم يعرفوها وظنوا أنها جبل، ثم عرجوا عنها وتعوّذوا منها بالرّقى. قال: ويزعم القبط أنه منعها من الحركة بسحره وتركها فهلكت. وقيل: إن تعريج هذه الحية ميل وأنها كانت تبتلع السباع هناك.

وسار حتى بلغ مدينة الكند «٢» ، وهى مدينة الحكماء، فتهاربوا منه إلى جبل صعدوه من مواضع يعرفونها من داخل مدينتهم لم يعرفها غيرهم، ولم يجد الريان ومن معه إلى الصعود إليها سبيلا، فأقاموا عليها أياما وكادوا يهلكون من العطش، فنزل إليهم من الجبل رجل يقال له مندوس، كان من أفاضل الحكماء وقد لبس شعره جسده، فقال: أين تريد أيها المغرور الممدود له فى الأجل! المرزوق الكفاية! أتعبت نفسك وجيشك! ألا اقتنعت بما تملكه واتكلت على خالقك [وربحت الراحة «٣» ] وتركت العناء والغرور بهذا الخلق. فعجب الملك من قوله وسأله عن الماء فدلّه عليه، وسأله عن