فأجمع الكل على ذمه. وكانت الساحرة لا تخلّيه من معونتها الى أن ركب فى ذلك القصر فى بعض الليالى وقد أحدق النيل بالبلد، وهو من الجبل الى الجبل، وامتدّ القمر على الماء، فأراد أن يعدّى من العدوة الى العدوة الأخرى فلم يتهيأ له سوق القصر بسرعة لعظمه، فركب مركبا لطيفا مع ثلاثة من خدمه والساحرة، فلما توسّط البحر هاجت ريح عاصف فغرق هو ومن معه، وأصبح الناس شاكّين فى أمره لا يعلمون ما نزل به، الى أن وجدت جثته بشطّنوف «١» فعرف بخاتمه وبجوهر كان يتقلّد به فحمل الى منف.
وملك بعده ابنه معاديوس بن دريموس؛ ويسميه أهل الأثر معدان ابن دارم، وهو الفرعون الخامس. وذلك بتدبير الوزير؛ فأجلسه على سرير الملك وبايعه الجيش، وكان صبيا فكرهه الناس ثم رضوا به، فأسقط عن الناس الخراج الذى كان أبوه أسقطه، وزادهم سنة وأحسن إليهم فأطاعوه؛ واستقام له الأمر وردّ نساءهم. وكان ينكر على أبيه فعله ولا يرضاه؛ فلذلك رضوا به.
قال: وفى زمانه كان طوفان أضرّ ببعض البلد فلزم الملك الإقبال على الهياكل والتعبد، وطلب القاطر ووجوه الكهنة بالحضور معه، وأنصف بعض الناس من بعض. وكثر بنو إسرائيل وعابوا الأصنام وثلبوها. وكان الوزير قد هلك فاستوزر كاهنا يقال له املاده، فلما رأى ما فعله بنو إسرائيل أنكره وأمر أن يفردوا بناحية من البلد لا يختلط بهم أحد غيرهم، فأقطعهم موضعا فى قبلىّ منف، واجتمعوا إليه وعملوا لأنفسهم معبدا كانوا يتلون فيه صحف إبراهيم عليه السلام، واتفق أن رجلا من أهل بيت الكهنة عشق امرأة من بنى إسرائيل كانت قد جاءته