للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لتشتكى أخاها أنه غصبها ميراثها، وأرادت أن يعتنى بأمرها عند وزير الملك، فرآها ابنه فأحبها وسأل والده أن يزوّجه منها، فخطبها من أهلها فأبوا ذلك، فأنكر الناس فعلهم واجتمعوا الى الوزير وقالوا: هؤلاء قوم يعيبوننا ويرغبون عنّا، ولا نحب أن يجاورونا إلا أن يدينوا بديننا. فقال الوزير: قد علمتم إكرام الريان الملك لجدّهم يوسف عليه السلام، وقد وقفتم على بركة جدّهم يوسف عليه السلام حتى جعلتم قبره وسط النيل فأخصب جانبا مصر بمكانه فلا تخوضوا فى هذا، فأمسكوا.

قال: وتغلّب أحد ملوك الكنعانيين على الشام وامتنع أهله أن يحملوا الضريبة التى كانت عليهم لملك مصر، فأنكر أهل مصر ذلك وأشفقوا من غلبة صاحب الشام على بلدهم، فحضّوا الملك على غزو الشام فقال: إن رام أحد حدود بلدنا غزوناه، وما لنا فى ذلك البلد من حاجة؛ فاستنقصوا رأيه. وأقام على ملازمة الهياكل والتعبّد فيها؛ فيزعم القبط أنه بينا ذات يوم قائم فى هيكل زحل حذاء صورته، وقد أجهد نفسه فى التعبد، إذ تغشّاه النوم فتجلّى له زحل وخاطبه وقال:

قد جعلتك ربّا على أهلك وأهل بلدك، وحبوتك بالقدرة عليهم وعلى غيرهم، وسأرفعك إلىّ فلا تخل من ذكرى؛ فعظم عند نفسه، واتصل خبره بأهل البلد، وأخبرهم سدنة الهيكل أنهم رأوا النور وسمعوا الخطاب، وأعظم الناس أمره، فتجبّر فى نفسه وأمر الناس أن يسمّوه ربّا، وترفّع أن ينظر فى شىء من أمر الملك، وأحضر الناس وقال: قد وقفتم على ما خصصت به دون الملوك، وهذه موهبة يلزمنى الشكر لواهبها عليها، ولست أتفرّغ للنظر فى أموركم، وقد رأيت أن أجعل الملك إلى ابنى أكسامس، وأكون من ورائه إلى أن يغيب شخصى عنكم كما وعدت، وقد أيدته بالقاطرين، فانظروا كيف تكونون، ولا تتظالموا فإنكم منى بمرأى ومسمع،