قال: ولما ملك بيوراسب ظهر منه خبث شديد وفجور كثير، وملك الأرض كلها، فسار فيها بالجور والعسف وسفك الدماء والصلب، وهوّل على الناس ومحاسيرة من تقدّمه من الملوك، وسنّ الأعشار واتخذ الملاهى والغناء. وكان على منكبيه سلعتان «١» يحرّكهما إذا شاء كما يحرّك يده، فادّعى أنهما حيّتان تهويلا على ضعفاء الناس. وقد تقدّم ذكره فى الباب الرابع من القسم الثالث من الفنّ الأوّل، وهو فى السفر الأوّل «٢» من نسخة الأصل فى أخبار أعياد الفرس، فلا حاجة الى إعادة ما قدّمنا ذكره من أمره.
قال: ولما عمّ الناس جوره كان من سوء عاقبة ذلك أن ظهر بأصبهان رجل يقال له كابى «٣» من عوامّ الناس. ويقال: إنه كان حدّادا. وكان الضحاك قتل لكابى ابنين، فبلغ به الجزع على ولديه مبلغا عظيما، فقام وأخذ عصا وعلّق عليها جرابا.
وقيل: بل علّق النّطع الذى كان يشدّه على وسطه يتّقى به النار إذا صنع الحدادة.
وقيل: بل كان جلد أسد. وقيل: بل جلد نمر، ودعا الناس إلى مجاهدة بيوراسب، فحمل الناس ما كانوا فيه من البلاء إن اتبعوه وأطاعوه، فاستفحل أمره، وكثرت أتباعه، واجتمع عليه أشراف الناس وأكابرهم؛ فقصد بيوراسب. فلما أشرف عليه هرب عن منازله، فجاء أشراف الناس إلى كابى الأصبهانى واجتمعوا عليه ليملّكوه، فامتنع من ذلك وقال: إنى لست من بيت الملك، ولكن التمسوا من هو من بيت الملك فنولّيه علينا. وكان أفريذون «٤» بن اثفيان قد استخفى من الضحاك