ومن أحبّ أن يستكمل الفضل بالصبر فى موضعه عرفنا له ذلك؛ وتقدّم الى من اختار الانصراف منهم بلزوم أهله وبلاده الى وقت الحاجة إليه. فلما سمع الوزراء قوله ورأيه استحسنوه وقالوا: لو كان هذا قد أطال تجربة الأمور وسياسة الجنود مازاد على ما سمعناه. ثم تتابعت آراؤه فى تقويم أصحابه وقمع أعدائه؛ حتى إذا تمت له ستّ عشرة سنة جمع أساورته وأمرهم بالاستعداد لقتال العرب. وكانت إياد تصيف بالجزيرة وتشتو بالعراق. وكان فى جيش سابور رجل منهم يقال له لقيط «١» ، فكتب الى إياد شعرا ينذرهم وهو:
سلام فى الصحيفة من لقيط ... الى من بالجزيرة من إياد
بأن الليث آتيكم دليفا «٢» ... فلا يحبسكم سوق النّقاد
أتاكم منهم سبعون ألفا «٣» ... يزجّون الكتائب كالجراد