سابور: الأمر صحيح والحقّ ما قلت، ولقد صدقت فى القول ونصحت.
فنادى منادى سابور بأمان الناس ورفع السيف. ويقال: إن عمرا بقى بعد هذا الوقت ثمانين سنة.
ثم سار سابور إلى أرض الروم ففتح المدن وقتل خلائق من الروم وقال لمن معه: إنى أريد أن أدخل بلاد الروم متنكرا لأتعرّف أحوالهم وسيرهم ومسالك «١» بلادهم، فإذا بلغت من ذلك حاجتى انصرفت الى بلدى فسرت إليهم بالجنود؛ فحذّروه التغرير بنفسه فلم يقبل قولهم. وسار متنكرا الى أرض القسطنطينية فصادف وليمة لقيصر اجتمع فيها الخاص والعامّ، فدخل فى جملتهم وجلس على بعض موائدهم، وقد كان قيصر أمر مصوّرا أتى عسكر سابور فصوّره وجاء الى قيصر بالصورة، فأمر بها فصوّرت على آنية الشراب من الذهب والفضة، وأتى بعض من كان على المائدة التى عليها سابور بكأس، فنظر بعض الخدم الى الصورة التى على الكأس، وسابور مقابل له، فانطبعت مثالا لصورة سابور، فقام الى الملك فأخبره، فمثل بين يدى الملك، فسأله عن خبره فقال: أنا من أساورة سابور وهربت منه لأمر خفته منه. فلم يقبل ذلك منه، وقدّم إلى «٢» السيف فأقرّ بنفسه، فجعل فى جلد بقرة، وسار قيصر فى جنود حتى توسط العراق، فافتتح المدن، وشنّ الغارات، وعقر النخل، وانتهى الى مدينة نيسابور، وقد تحصن بها وجوه فارس، فنزل عليها وحضر عيدا للنصارى فأغفل الموكّلون بسابور أمره، وأخذ منهم الشراب، وكان بالقرب من سابور أسارى من الفرس، فراطنهم بالفارسية أن يحلّ بعضهم بعضا، وأمرهم أن يصبّوا عليه زقاق «٣» الزيت ففعلوا، فلان عليه