للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: ثم أظهر بهرام جور التجهز الى أذربيجان ليتنسّك فى بيت نارها، ويتوجه منها الى أرمينية ويتصيد فى آجامها، وسار فى سبعة رهط من عظماء الفرس وأهل البيوتات، وثلاثمائة رجل من رابطته ذوى بأس وشدّة ونجدة، واستخلف أخاله يقال له نرسى على ملكه، فما شك الناس- لما بلغهم ذلك- أنه هرب من خاقان، فتآمر الفرس فى مراسلة خاقان والانقياد الى طاعته والإقرار له بالخراج؛ مخافة منه أن يستبيح بلادهم، فاتصل هذا الخبر بخاقان فاطمأنّ وترك التحفظ والاستعداد وآثر المسالمة. وتعرّف بهرام خبر خاقان وحال جنده وما هم عليه من الطمأنينة والفتور وعدم الاستعداد، فسار بمن معه وبيّت خاقان وقتله بيده. فلما علم الأتراك أن ملكهم خاقان قد قتل انهزموا لا يلوون على شىء وخلّفوا أثقالهم وأموالهم. فأكثر بهرام فيهم القتل وأمعن فى طلبهم، وحاز غنائم لم يسمع بمثلها، وسبى من ذرّيتهم كثيرا.

وكان مما غنمه تاج خاقان وإكليله، وغلب على بلاد الترك وانصرف بالظفر والغنائم، وكتب الى أهل مملكته يعلمهم بما حصل له من الظفر بخاقان وجموعه بمن كان معه من أولئك القوم الذين استصحبهم معه.

وكان بهرام يتكلّم بلغات كثيرة، منها اللغة العربية. ومما حفظ من شعره يوم ظفره بخاقان:

أقول له لما فضضت جموعه ... : كأنك لم تسمع بصولات بهرام

وأنّى حامى ملك فارس كلّها ... وما خير ملك لا يكون له حامى

ومن شعره أيضا:

لقد علم الأنام بكل أرض ... بأنّهم قد اضحوا لى عبيدا

ملكت ملوكهم وقهرت منهم ... عزيزهم المسوّد والمسودا