لا تقوم الرعيّة [إلا «١» ] على هوى واحد، فيحرّمون جميعا ما يحرّم الملك، ويستحلّون ما يستحلّ الملك فى دينه؛ فإنّ ذلك إذا اجتمع للملك قوى بجنده لأجل الموافقة بينهم وبين الملك، فآستظهر على قتال الأعداء؛ فأحضرت أولئك المختلفين فى الأهواء، وأمرت أن يخاصموا حتى يقفوا على الحقّ ويقرّوا به، وأمرت أن يقصوا عن مدينتى وعن بلادى ومملكتى، ويتتبع كل من هو على هواهم فيفعل به ذلك.
وقال: إن الترك الذين فى ناحية الشمال كتبوا إلينا بما أصابهم من الحاجة، وأنهم لا يجدون بدّا- إن لم نعطهم شيئا- من أن يغزونا، وسألوا خصالا إحداها أن نتخذهم فى جندنا، ونجرى عليهم ما يعيشون به، وأن نعطيهم من أرض الكرج «٢» وبلنجر «٣» وتلك الناحية ما يعيشون به، فرأيت أن أسير فى ذلك الطريق الى باب صول «٤» ، وأحببت أن يعرف من قبلنا من الملوك هناك نشاطنا للأسفار وقوّتنا عليها متى هممنا، وأن يروا ما رأوا من هيبة الملوك وكثرة الجنود وتمام العدّة وكمال السلاح ما يقوون به على أعدائهم، ويعرفون به قوّة من خلفهم إن هم احتاجوا اليه، وأحببنا بمسيرنا أن نجرى لهم على أيدينا الجوائز والحملان «٥» ، والقرب من المجلس واللطف فى الكلام ليزيدهم ذلك مودّة لنا ورغبة فينا، وحرصا على قتال أعدائنا، وأحببت أيضا التعهد لحصونهم، وأن أسأل أهل الخراج عن أمرهم فى مسيرنا.
فسرت فى طريق همذان وأذربيجان. فلما بلغت الى باب الصول ومدينة فيروز خسرو يمّمت تلك المدائن العتيقة، وتلك الحدود، وأمرت ببناء حصون أخر. فلما بلغ