خاقان الخزر نزولنا هناك تخوّف أن نغزوه، فكتب أنه لم يزل- منذ ملكت- يحب موادعتى، وأنه يرى الدخول فى طاعتى؛ ورأى بعض قوّاده- لمّا شاهد حاله- تركه وأتانا فى ألفين من أصحابه؛ فقبلناه وأنزلناه فى تلك الناحية، وأجريت عليه وعلى أصحابه الرزق، وأمرت لهم بحصن هناك، وأمرت بمصلّى لأهل ديننا، وجعلت فيه موبذا وقوما نسّاكا، وأمرتهم أن يعلموا من دخل من الترك فى طاعتنا ما فى طاعة الولاة من المنفعة العاجلة فى الدنيا، والثواب الآجل فى الأخرى، وأن يحثّوهم على المودّة والصحبة «١» والعدل والنصيحة ومجاهدة العدوّ، وأن يعلّموا أحداثهم رأينا ومذهبنا، وأقمت لهم فى تلك التخوم الأسواق، وأصلحت طرقهم «٢» وقوّمت السكك. ونظرنا فيما اجتمع لنا هناك من الخيل والرجال فإذا هو بحيث لو كان بوسط فارس لكان منزلنا بها فاضلا.
وقال: فلما أتى لملكنا ثمان وعشرون سنة جدّدت النظر فى أمر المملكة والعدل على الرعية، والنظر فى أمرهم، وإحصاء مظالمهم، وإنصافهم. وأمرت موبذ كل ثغر ومدينة وبلد وجند بإنهاء ذلك الىّ. وأمرت بعرض الجند، من كان منهم بالباب بمشهد منّى، ومن غاب فى الثغور والأطراف بمشهد من القائد وبادوستان «٣» والقاضى وأمين من قبلنا. وأمرت بجمع أهل كور الخراج فى كل ناحية من مملكتى الى مصرها «٤» مع القائد وقاضى البلد والكاتب والأمين. وسرّحت من