للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأمرت بالكتب الى قاضى كورة كورة أن يجمع أهل الكورة بغير علم عاملهم وأولى أمرهم فيسألهم عن مظالمهم وما استخرج منهم، ويفحص عن ذلك بمجهود رأيه ويبالغ فيه، ويكتب حال رجل رجل منهم ويختم عليه بخاتمه وخاتم الرضا من أهل تلك الكورة، ويبعث به الىّ ويسرّح ممن يجتمع رأى أهل الكورة عليه بالرضا نفرا، وإن أحبّوا أن يكون فيمن يشخص بعض سفلتهم أيضا فعل ذلك.

فلما حضروا جلست للناس وأذنت لهم بمشهد من عظماء أرضنا وملوكهم وقضاتهم وأحرارهم وأشرافهم، ونظرت فى تلك الكتب والمظالم، فأيّة مظلمة كانت من العمال ومن وكلائنا، أو من وكلاء أولادنا ونسائنا وأهل بيتنا حططناها عنهم بغير بينة؛ لعلمنا بضعف أهل الخراج منهم، وظلم أهل القوّة من السلطان لهم، وأيّة مظلمة كانت لبعضهم من بعض ووضحت لنا، أمرت بإنصافهم قبل البراح، وما أشكل وأوجب الفحص عنه شهود البلد وقاضيها سرّحت معه أمينا من الكتاب، وأمينا من فقهاء ديننا وأمينا ممن وثقنا به من خدمنا وحاشيتنا، فأحكمت ذلك إحكاما وثيقا. ولم يجعل الله لذوى قرابتنا ورحمنا وخدمنا وحاشيتنا منزلة عندنا دون الحقّ والعدل؛ فإن من شأن قرابة الملك وحاشيته أن يستطيلوا بعزّته وقوّته، فإذا أهمل السلطان أمرهم هلك من جاوره إلّا أن يكون فيهم متأدّب بأدب ملكه، محافظ على دينه، شفيق على رعيّته، وأولئك قليل؛ فدعانا الذى اطلعنا عليه من ظلم أولئك ألا نطلب البيّنة عليهم فيما ادّعى قبلهم. ولم نزل نردّ المظالم، ولم نرد أيضا ظلم أحد ممن كان عزيزا بنا، منيعا بمكانه ومنزلته عندنا، فإن الحقّ واسع للضعفاء والأقوياء والفقراء والأغنياء؛ ولكنا لما أشكلت الأمور فى ذلك علينا كان الحمل على خواصّنا وخدمنا أحبّ الينا من أن نحمل على ضعفاء الناس ومساكينهم، وأهل الفاقة والحاجة منهم. وعلمنا أن أولئك الضعفاء لا يقدرون على ظلم من حولنا. وعلمنا مع ذلك