للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويحكى عن أفلاطون أنه كان يصوّر له صورة إنسان لم يره قطّ ولا عرفه فيقول:

صاحب هذه الصورة من أخلاقه كذا، ومن هيئته كذا، فيكون الرجل كما أخبر عنه، فيقال: إنه صوّر له صورة نفسه، فلمّا عاينها قال: هذا رجل محبّ فى الزنا فقيل له: إنها صورتك، فقال: نعم أنا كذلك، ولولا أنى أملك نفسى لفعلت وإنى لمحبّ فيه.

نرجع إلى أخبار الإسكندر فيما كتب به الى أرسطاطاليس وما أجابه به قالوا: إنه كتب اليه يخبره أنّ فى عسكره من الروم جماعة من خاصّته لا يأمنهم على نفسه لما يرى من بعدهممهم فى شجاعتهم وكثرة آلتهم، وأنه لا يرى لهم عقولا تفى بتلك الفضائل التى تمنعهم من الإقدام والجرأة عليه، وأنه يكره الإقدام عليهم بالقتل بمجرّد الظّنّة مع وجوب الحرمة.

فكتب إليه أرسطاطاليس: قد فهمت كتابك، وما وصفت به أصحابك.

أمّا ما ذكرت من بعد هممهم فإنّ الوفاء من بعد الهمّة. وأمّا ما ذكرت من شجاعتهم ونقص عقولهم عنها، فمن كانت هذه حاله فرفّهه فى معيشته واخصصه بحسان النساء، فإنّ رفاهية العيش توهن العزم، وتحبب السلامة، وتباعد من ركوب الخطر والغرر «١» ، وليكن خلقك حسنا تخلص اليك النيّات، ولا تتناول من لذيذ العيش ما لا يمكن أوساط إخوتك مثله، فليس ينبغى مع الاستئثار محبّة، ولا مع المواساة بغضة. واعلم أنّ المملوك إذا اشترى لم يسأل عن مال مولاه، وإنما يسأل عن خلقه.