للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عباده ويهدى لاتباعهم من يشاء لا معقّب لحكمه، لا يسأل عمّا يفعل وهم يسألون.

وأما السياسة الملوكية فهى حفظ الشريعة على الأمة وإحياء السنّة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. وأما السياسة العامّيّة فهى الرياسات على الجماعات كرياسة الأمراء على البلدان وقادة الجيوش وترتيب أحوالهم على ما يجب وينبغى من الأمور وإتقان التدبير. وأما السياسة الخاصّيّة فهى معرفة كلّ إنسان بنفسه، وتدبيره أمر غلمانه وأولاده، ومن يليهم من أتباعه وقضاء حقوق الإخوان. وأما السياسة الذاتية فهى أن يتفقّد الإنسان أفعاله وأحواله وأخلاقه وشهوته فيزمّها بزمام عقله، وغضبه فيردعه وما شاكل ذلك. والخامس من العلوم الإلهيات علم المعاد وكيفية انبعاث الأرواح وقيام الأجساد وحشرها للحساب يوم الدين، ومعرفة حقيقة جزاء المحسنين وعقاب المسيئين.

*** نرجع إلى خبر الملك الهندىّ مع أصحاب الإسكندر، قال: ولمّا تكلّم مع الحكماء اليونانيين فى العلوم الفلسفية وطال الخطب فى مناظرتهم أخرج الجارية اليهم، فلمّا ظهرت لأبصارهم لم يقع طرف كلّ واحد منهم على عضو من أعضائها فتعدّى ببصره إلى غير ذلك العضو اشتغالا بحسنه عمّا سواه حتى خاف القوم على عقولهم، ثم رجعوا إلى أنفسهم وقهروا سلطان هواهم، ثم أراهم بعد ذلك ما تقدّم الوعد به وصرفهم، وبعث بالفيلسوف والطبيب والجارية والقدح [معهم «١» ] .

فلمّا وردوا على الإسكندر أمر بإنزال الفيلسوف والطبيب، ونظر إلى الجارية فحار عند مشاهدتها، فأمر قيّمة الجوارى بالقيام عليها، ثم صرف همّته إلى الفيلسوف والطبيب وإلى علم ما عندهما، وقصّ عليه الحكماء ما جرى لهم مع الملك الهندىّ من