وأغنيتك عن الحرب، فقال له الإسكندر: وما الذى آمنك منّى؟ قال: علمى بأنك عاقل حكيم، ولم تك بيننا عداوة ولا مطالبة بذحل «١» ، وأنك تعلم أنك إن قتلتنى لم يكن ذلك سببا لتسليم أهل الصين إليك ملكهم، ولم يمنعهم قتلى من أن ينصبوا لأنفسهم ملكا غيرى ثم تنسب [أنت «٢» ] إلى غير الجميل وضدّ الحزم. فأطرق الإسكندر وعلم أنه رجل عاقل، ثم قال له: إن الذى أريد منك ارتفاع «٣» مملكتك لثلاث سنين عاجلا ونصف ارتفاع مملكتك لكلّ سنة. قال: هل غير هذا؟
قال لا، قال: قد أجبتك، ولكن سلنى كيف تكون حالك، قال: كيف تكون؟
قال: أكون أوّل قتيل محارب، وأوّل أكيلة مفترس. قال: فإن قنعت منك بارتفاع سنتين. قال: أكون أصلح قليلا وأفسح مدّة، قال: فإن قنعت بارتفاع سنة. قال: يكون فى ذلك بقاء ملكى، وذهاب لجميع لذّتى. قال: فإن قنعت منك بثلث الارتفاع كيف تكون حالك؟ قال: يكون السدس للفقراء ومصالح العباد، ويكون الباقى لجيشى «٤» ولسائر أسباب الملك. قال الإسكندر: قد اقتصرت منك على هذا، فشكره وانصرف.
فلمّا طلعت الشمس أقبل جيش الصين وقد طبّق الأرض وأحاط بجيش الإسكندر حتى خافوا الهلاك، وتواثب أصحابه فركبوا الخيل واستعدّوا للحرب بعد