للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرغوا من قراءتهم سألهم عن كتابهم فقالوا: هذا كتاب الله الإنجيل الذى أنزل على عيسى بن مريم عليه السلام نبيّه. قال: وأين عيسى؟ قالوا: قد رفعه الله تعالى اليه. قال: وكم لبث فيكم؟ قالوا: ثلاثا وثلاثين سنة. قال: وهل رأيتموه وأتيتموه وأدركتم زمانه؟ قالوا: لا، كان قبل أن نولد، ووجدنا كتابه فى أيدى آبائنا. قال: أفكلّ هذه المدينة تؤمن بهذا النبىّ وبهذا الكتاب وتعمل بما فيه مما أسمع من حلاله وحرامه؟ قالوا: نعم، إلّا مستحقّا بذنب أو ظالما لنفسه.

قال: فهل سمعتم بالملك الذى يقال له دقيوس؟ قالوا: نعم. قال: فكم له منذ هلك؟ قالوا: أكثر من ثلاثمائة عام. قال: فهل بقى له عقب، أو لأحد من أهل مملكته يعمل بعمله؟ قالوا: لا. قال: فلو أراد أحد أن يعمل بمثل عمله ما كنتم تفعلون به؟ قالوا: نقتله أو نخرجه من بين أظهرنا.

فلمّا آمنهم واطمأنّ إليهم ورأى سمت الإسلام وهديه عليهم وفّقه الله وهداه لمسألة سألهم عنها. قال: أخبرونى، هل كان نبيّكم عيسى عليه السلام يخبركم عن سبعة رهط خرجوا من هذه المدينة فى زمن دقيوس وقومه، وهربوا إلى الله بأنفسهم ودينهم فرارا من دقيوس وقومه، وما كانوا يعبدون من دون الله حتى آووا الى الكهف فى هذه الجبال فاستخفوا فيها. فلمّا قال لهم هذا أوجسوا فى أنفسهم أنه منهم، قالوا: نعم، قد كان يخبرنا عنهم فلعلك منهم فإنّا ننكر حالك كلّه.

قال: فهل كان عيسى عليه السلام فيما بلّغكم سمّى أصحاب الكهف؟ قالوا: نعم؛ قال: فسمّوهم لى بأسمائهم، فسمّوهم حتى إذا ذكروا اسمه تمليخا قال: فأنا تمليخا وأنا أحدهم، فخرّوا له سجّدا كما صنع إخوة يوسف بيوسف يوم دخلوا عليه؛ وكانت تحيّتهم فيما بينهم السجود يومئذ، ثم أدخلوه مسجدهم وعظّموه ووقّروه وأكرموه ورفعوه وجمعوا له أهل مدينتهم وقرّاءهم وفقهاءهم، فتبرّكوا به، وجعلوا له عيدا