قال: وليست هذه بربرا هى التى تنسب إليها البرابرة الذين بالمغرب من أرض إفريقية. قال: ولباس هؤلاء الزّنج جلود النمورة، وهى جلود كبيرة تحمل من أرضهم الى بلاد الإسلام. قال: وأقاصى بلاد الزنج بلاد سفالة وأقاصيه بلاد الواق واق، وهى أرض كثيرة الذهب كثيرة العجائب والخصب، حارّة. واتّخذ بها الزنج دار مملكة وملّكوا عليهم ملكا اسمه «وقليمى» وهى نسبة لسائر ملوكهم فى سائر الأعصار.
قال: ويركب وقليمى وهو ملك من ملوك الزنج فى ثلاثمائة ألف راكب، ودوابّهم البقر، وليس فى أرضهم خيل ولا بغال ولا إبل ولا يعرفونها، وإنما يركبون البقر بالسروج واللّجم، ويقاتلون عليها وهى تعدو بهم كالخيل.
قال المسعودىّ: رأيت بالرىّ نوعا من هذه البقر تبرك كما يبرك الجمل وتحمل وتثور بأجمالها، وتحمل عليها الميتة من الخيل والإبل وغيرها فتنهض بحملها.
والغالب على هذا النوع من البقر حمرة الحدق وسائر البقر تنفر منها. قال: ولا يقع البرد فى بلاد الزّنج. قال: ومنهم ناس محدّد والأسنان يأكل بعضهم بعضا. قال:
ومساكن الزّنج من حدّ الخليج المشعّب من أعلى النيل الى بلاد سفالة والواق واق، ومقدار مسافة مساكنهم واتصالها فى الطول والعرض سبعمائة فرسخ: برّ وأودية وجبال ورمال.
قال المسعودىّ: ومعنى تسمية ملك الزنج «وقليمى» أى ابن الربّ الكبير؛ لأنه اختارهم لملكهم والعدل فيهم، فمتى جار الملك عليهم فى حكمه أو حاد عن الحقّ قتلوه وحرّموا عقبه الملك. وزعموا أنه إذا فعل ذلك فقد بطل أن يكون ابن الربّ الذى هو ملك السماء والأرض، ويسمّون الخالق عزّ وجلّ (مكليجو) وتفسيره الربّ الكبير.