قال: والزّنج أولو فصاحة فى ألسنتهم وفيهم خطباء بلغتهم؛ يقف الرجل الزاهد منهم فيخطب على الخلق الكثير منهم يرغّبهم فى القرب من ربّهم ويبعثهم على طاعته، ويرهبهم من عقابه، ويذكّرهم من سلف من ملوكهم وأسلافهم، وليس لهم شريعة يرجعون اليها بل رسوم لملوكهم، وأنواع من السياسات يرجعون اليها ويسوسون بها رعيّتهم، وأكثر أكلهم الموز، وهو كثير ببلدهم، وغالب أقواتهم الذّرة ونبت يقال له الكلارى «١» يقتلع من الأرض كالكمأة والراسن، ويأكلون العسل واللحم.
قال: ومن هوى منهم شيئا من نبات أو حيوان أو جماد عبده. وجزائرهم لا تحصى كثرة وفيها النارجيل.
وأمّا النّوبة وما قيل فيها فافترقت فرقتين فى شرقىّ النيل وغربيّه وأناخت على شطّيه واتّصلت ديارها بديار مصر، واتّسعت مساكنها على شاطئ النيل مصعدة. ومدينتهم دنقله. والفريق الآخر من النوبة يقال له غلوة وينزل مدينة الملك واسمها سرتة.
وأمّا البجة وما قيل فإنّها نزلت بين بحر القلزم ونيل مصر وتشعّبوا فرقا وملّكوا عليهم ملوكا، وفى أرضهم معادن الذهب. قال: وانضاف إلى البجة طائفة من العرب من ربيعة بن نزار بن معدّ بن عدنان وتزوّجوا من البجة.
وأمّا الحبشة وما قيل فيها فإنّ دار ملكهم كعبر، وهى مدينة عظيمة، وهى دار مملكة النجاشىّ. وللحبشة مدن كثيرة وعمائر واسعة، ويتّصل ملك النجاشىّ بالبحر الحبشىّ، وله ساحل فيه مدينة كبيرة، وهو مقابل لبلاد اليمن. فمن مدن الحبشة