للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فارعوى قلبه وقال: فما غبطة ... حىّ إلى الممات يصير؟

وكان ملكه خمسا وثلاثين سنة.

ثم ملك الأسود بن النعمان. فكان ملكه عشرين سنة. ويقال: إنّ الأسود هذا هو الذى انتصر على غسّان وأسر عدّة من ملوكهم، وأراد أن يعفو عنهم، وكان للأسود ابن عمّ يقال له: أبو أذينة، قد قتل آل غسّان له أخا فى بعض الوقائع، فقال قصيدته المشهورة يغرى بهم الأسود بن النعمان:

ما كلّ يوم ينال المرء ما طلبا ... ولا يسوّغه المقدار «١» ما وهبا

وأحزم النّاس من إن فرصة عرضت ... لم يجعل السبب الموصول مقتضبا

وأنصف الناس فى كلّ المواطن من ... سقى المعادين بالكأس الذى شربا

وليس يظلمهم من راح يضربهم ... بحدّ سيف به من قبلهم ضربا

والعفو إلّا عن الأكفاء مكرمة ... من قال غير الذى قد قلته كذبا

قتلت عمرا وتستبقى يزيد لقد ... رأيت رأيا يجرّ الويل والحربا

لا تقطعن ذنب الأفعى وترسلها ... إن كنت شهما فأتبع رأسها الذّنبا

هم جرّدوا السيف فاجعلهم له جزرا «٢» ... وأوقدوا النار فاجعلهم لها حطبا

إن تعف عنهم تقول الناس كلّهم ... لم يعف حلما ولكن عفوه رهبا «٣»

وكان أحسن من ذا العفو لو هربوا ... لكنّهم أنفوا من مثلك الهربا

همو أهلّة غسّان ومجدهم ... عال فإن حالوا ملكا فلا عجبا

وعرضوا بفداء واصفين لنا ... خيلا وابلا يروق العجم والعربا